وليقصّر » (١) وقد عرفت أنّ راوي تلك الصحيحة هو راوي هذه الصحيحة ، فالراوي بعينه روى ضدّ ما رواه لو كان المراد ما فهمه المستدل ، فمن هذا يحصل وهن عظيم ، بل ربما كان المراد من تلك الصحيحة مضمون هذه الصحيحة بأنّها خرجت مفسّرة لها ، بل ربما كان التفاوت حصل من نقل أحدهما من الرواة بالمعنى.
ويؤكّد ما ذكرناه أيضا أنّ محمد بن مسلم روى أيضا في الصحيح عن الصادق : الرجل يريد السفر متى يقصّر؟ قال : « إذا توارى من البيوت » قال : قلت : الرجل يريد السفر فيخرج حين زوال الشمس ، قال : « إذا خرجت فقصّر » (٢).
وممّا يؤكّد أيضا ما قال بعض المحققين من أنّ أكثر العامّة قائلون باعتبار حال الوجوب ، فيكون ما دل عليه محمولا على التقيّة ، ويشير إليه صحيحة إسماعيل ، فتأمّل.
نعم ورد في التخيير رواية في سندها محمد بن عبد الحميد عن الصادق عليهالسلام : « إذا كان في سفر فدخل عليه وقت الصلاة قبل أن يدخل فسار حتى يدخل أهله ، فإن شاء قصّر وإن شاء أتمّ ، والإتمام أحبّ إليّ » (٣) لكن لا تقاوم ما ذكرناه من حيث السند وغيره. وكيف كان الأولى والأحوط اعتبار حال الأداء.
__________________
(١) التهذيب ٣ : ١٦٤ / ٣٥٤ ، الوسائل ٨ : ٥١٤ أبواب صلاة المسافر ب ٢١ ح ٨.
(٢) الكافي ٣ : ٤٣٤ / ١ ، الفقيه ١ : ٢٧٩ / ١٢٦٧ ، التهذيب ٢ : ١٢ / ٢٧ ، الوسائل ٨ : ٤٧٠ أبواب صلاة المسافر ب ٦ ح ١.
(٣) التهذيب ٣ : ٢٢٣ / ٥٦١ ، الاستبصار ١ : ٢٤١ / ٨٥٩ ، الوسائل ٨ : ٥١٥ أبواب صلاة المسافر ب ٢١ ح ٩.