بأنّه نقض المقام بالمفارقة ، فيعود إلى حكم السفر.
وفيه : أنّ هذا ينافي ما هو مسلّم عندهم وثابت بالأدلّة أيضا ، كما ذكرنا في الشرط الثالث ، من أنّ نيّة الإقامة قاطعة للسفر ، فإذا انقطع السفر فلا جرم يكون اللازم الإتمام حتى يتحقّق السفر المستجمع للشرائط ، كما عرفت وستعرف. وأي فرق بين هذا وبين من بلغ وطنه وخرج منه؟ فإنّ توقّف القصر على مسافة مستجمعة لها ليس إلاّ لانقطاع سفره ، كما عرفت في الشرط الثالث.
وأيضا هذا مناف لما علّلوا به للإتمام ذهابا وإيابا وفي ما خرج إليه في المسألة المتقدّمة.
ومع ذلك نقض المقام بالمفارقة ممنوع ، وكذا العود إلى حكم السفر ، وسند المنعين ظهر ممّا مرّ ، وسيظهر أيضا في الحاشية الآتية.
هذا ولكن عبارة المبسوط هكذا : لأنّه نقض مقامه بسفر بينه وبين بلده يقصّر في مثله (١) ، وهذه ظاهرة في أنّ الشيخ جعل المقتضي للقصر قصد المسافة ، وأنّه ( يلزم بمجرّد الخروج ) (٢) تحقّق قصد المسافة ، لأنّه يريد الإياب إلى بلده البتّة ولم ينو إقامة أخرى ، فيكون حال موضع إقامته حال سائر المواضع.
لكن يرد عليه : أنّ الذهاب لا يضمّ إلى الإياب إجماعا إلاّ في صورة أو صورتين ، وقد مرّ الدليل على ذلك أيضا ، وأيضا لا بقال عرفا : إنّه الآن يسافر إلى وطنه ، بل يقولون بخلاف ذلك ، وأنّه لا يسافر البتّة. وأيضا قد عرفت وستعرف أن موضع الإقامة حكمه حكم الوطن ، وأنّ الإتمام
__________________
(١) المبسوط ١ : ١٣٨.
(٢) ما بين القوسين ليس في « ب » و « ج » و « د ».