صدر هذا المضمون منه عليهالسلام في غير واحد من الأخبار. مع أنّ بالاستقراء يظهر أنّ الأمر كما ذكره عليهالسلام ، إذ ندر ما كان خبره موافقا للتقيّة إن كان.
وأيضا كان الباقر عليهالسلام لا يتقي من العامّة من جهة أنّ جابرا الأنصاري كان يصل إلى خدمته مكرّرا بعنوان الإخلاص ، وكان العامّة يقولون : إنّه يأخذ الحكم عن الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم بواسطة جابر. والسبب الآخر أنّ جابرا كان مأمورا من قبل الرسول بإبلاغ السلام إليه وقوله : « إنّه يبقر علم الدين بقرا » (١). وكان هذا ظاهرا على العامّة غاية الظهور. والسبب الآخر أنّ بني أميّة وبني العباس كانوا مشغولين بأنفسهم ، ومن هذا ارتفعت التقيّة في ذلك الزمان بالمرّة ، بخلاف زمان الكاظم عليهالسلام فإنّه كان في غاية الشدّة من التقيّة.
وممّا يؤيّد أيضا أنّ التقيّة تظهر لنا من قول فقهائنا القدماء ، كسائر المرجّحات مثل العدالة والأعدلية والشهرة بين الأصحاب و [ الشذوذ ] (٢) وغير ذلك ، والقدماء (٣) صرّحوا بأنّ هذا الخبر موافق للعامّة ، ولسنا نعمل به ، كما قال الشيخ في كتابيه وغيره ( ووافقه غيره حتى من المتأخّرين أيضا ، وقال العلاّمة قال ) (٤) مع أنّ الشيخ هو الذي روى هذه الرواية ولم يروها غيره ، وهو أعرف بحال ما خرج من يده ، فتدبّر (٥).
__________________
(١) رجال الكشي ١ : ٢١٨ ، إرشاد المفيد ٢ : ١٥٩ ، مناقب آل أبي طالب ٤ : ١٩٧ بحار الأنوار ٤٦ : ٢٢٢ / ٦ ، وفي « ا » : يبقر العلم بقرا.
(٢) بدل ما بين المعقوفين في النسخ : الشدّة ، والأنسب ما أثبتناه.
(٣) في « أ » و « و » زيادة : ما.
(٤) التهذيب ٢ : ١٦٢ ، الاستبصار ١ : ٣١٣ ، وانظر الذكرى : ١٨٩ ، والحبل المتين : ٢٢٩ ، والمفاتيح ١ : ١٣٣ ، وكشف اللثام ١ : ٢١٦ ، وراجع ص ٤٨ ـ ٤٩ ، وما بين القوسين ليس في « ب » و « ج » و « د ».
(٥) في « ب » و « ج » و « د » زيادة : مع أنّه مرّ عن العلاّمة أنّ الاستحباب مذهب الجمهور كافّة.