وأمّا صحيحة علي بن جعفر فلم يروها غير الشيخ ، وهو أعرف بحالها من الشارح وغيره البتّة ، ولم يفت بها بل صرّح بأنّها واردة في مقام التقيّة ( ولم يفت بها غيره أيضا ، لعدم روايتهم إيّاها ، بل من قال بعدم الوجوب صرّح بأنّه مستحبّ مؤكّد ، وهذه ينفي الاستحباب أيضا بظاهرها ) (١).
وأمّا كونها أظهر دلالة ففاسد أيضا ، لأنّ ظاهرها عدم رجحان الجهر في ما يجهر فيه أصلا ورأسا ، وهذا مخالف للإجماع من الكلّ ، وهذا مضعّف للدلالة بالبديهة ، للاحتياج إلى التأويل ، والمؤوّل ليس بحجّة ، مع كونه مذهب العامّة ، بل الحجّة إنّما هو الظاهر والظاهر متروك ، مضافا إلى ما في متنها من الاختلاف والتشويش ، كما لا يخفى على من لا حظ الكتابين ، فتأمّل ، ومرّ عن الشارح رحمهالله أنّ الحديث الذي ظاهره متروك لا يكون حجّة (٢).
وأمّا الاعتضاد بالأصل ـ فمع أنّه محلّ نزاع ، إذ قال بعض الأصحاب : إنّه سبب للمرجوحيّة (٣) كما ذكر في محلّه ـ معلوم أنّ الأصل ( لا يجري في العبادات ، ومع ذلك ) (٤) لا يقاوم الدليل والمرجّحات الشرعية ، وإلاّ لينسدّ باب الفقه بالمرّة ، كما لا يخفى.
مع أنّ اشتغال الذمّة اليقيني مستصحب شرعا حتى يثبت خلافه وحتى يتحقّق عرفا إطاعته ، ولا يثبت (٥) الخلاف في العبادات التوقيفية إلاّ
__________________
(١) ما بين القوسين ليس في « ج » و « د ».
(٢) المدارك ٣ : ٣٥١.
(٣) انظر مبادئ الوصول : ٢٣٧.
(٤) ما بين القوسين ليس في « ب » و « ج » و « د ».
(٥) في « ا » زيادة : دلائل.