والصدوق في أماليه قال : من دين الإمامية الإقرار بأنّ التسليم في الصلاة يجزئ مرّة واحدة مستقبل القبلة ويميل بعينه إلى يمينه ، ومن كان في جمع من أهل الخلاف يسلّم تسليمتين : تسليمة عن يمينه ، وتسليمة عن يساره كما يفعلون ، للتقيّة (١). انتهى.
قوله : وما رواه الشيخ. ( ٣ : ٤٣٠ ).
استدلاله بهذا الخبر وأمثاله في عدم وجوب التسليم في غاية الغرابة ، بل هو غفلة ، لأنّه عليهالسلام قال : « ثم ينصرف » ، ولم يقل : انصرفت ، والظاهر من الأوّل أنّه طلب منّا الإتيان بالانصراف وتحصيله لو لم نقل بدلالته على وجوب الإتيان به ، لأنّ الجملة الخبرية في أمثال المقام بمعنى الأمر ، كما اعترف به الشارح مرارا (٢) ، ودلالتها على الطلب لا تأمّل فيه ، فإذا طلب منّا تحصيل الانصراف وإيجاد ماهيته فلا جرم يكون الانصراف غير حاصل وغير موجود ما لم يوجد ويحصل ، لاستحالة تحصيل الحاصل ، فعلى هذا يكون الخبر صريحا في عدم خروجنا عن الصلاة بعد التشهّد ، وبقائنا فيها حتى نأتي بالمخرج ، فلم نخرج إلاّ بالتسليم ، إذا لا مخرج بعده غيره وفاقا ، ولا يظهر من الأخبار أيضا غيره.
على أنّه سنذكر الأخبار الدالة على أنّ المراد من الانصراف التسليم.
على أنّا نقول : لا شكّ في أنّ المراد من الانصراف ليس الانتقال من موضع الصلاة إلى غيره ، بل إمّا الفراغ والخروج أو الإتيان بالتسليم ، والثاني مثبت للمطلوب ، والأوّل لا يصير مكلّفا به ومطلبوبا إلاّ بفعل اختياري ، وهو إمّا بالتسليم فيثبت المطلوب أيضا ، أو بغيره فيلزم خلاف الإجماع بل
__________________
(١) أمالي الصدوق : ٥١٢.
(٢) انظر المدارك ١ : ٢١١ و ٢ : ٨٤.