ولا يمكن معه أخذ الجامع بين هذه الأفراد.
وسيوافيك إنّ كلّ واحد من الصحيحي والأعمى يتّهم صاحبه بعدم تصويره ووجدانه قدراً جامعاً مع أنّ له دوراً رئيسيّاً في حلّ المسألة كما أشرنا إليه.
إذا عرفت هذا.
فنقول : قد ذكر في كلمات الصحيحيين عناوين مختلفة للقدر الجامع فنذكرها أوّلاً ثمّ نبحث عمّا ذكره الأعمّي :
أحدها : ما ذهب إليه المحقّق الخراساني رحمهالله قال : « لا إشكال في وجوده ( القدر الجامع ) بين الأفراد الصحيحة وإمكان الإشارة إليه بخواصّه وآثاره ، فإنّ الاشتراك في الأثر كاشف عن الاشتراك في جامع واحد يؤثّر الكلّ فيه بذاك الجامع ، فيصحّ تصوير المسمّى بلفظ الصّلاة مثلاً بالناهية عن الفحشاء وما هو معراج المؤمن ونحوهما ـ ثمّ قال ـ في جواب بعض الإشكالات إنّ الجامع إنّما هو مفهوم واحد ( بسيط ) منتزع عن هذه المركّبات المختلفة زيادة ونقيصة بحسب اختلاف الحالات ».
أقول : يرد عليه :
أوّلاً : أنّ أساس كلامه في المقام قاعدة الواحد ، وفيها ما مرّ من اختصاصها عند القائلين بها بالواحد الحقيقي البسيط من جميع الجهات ، فلا تجري في الماهيّات الاعتباريّة مثل الصّلاة والصّوم التي تكون وحدتها اعتباريّة.
ثانياً : أنّه خلاف الوجدان والمتبادر العرفي ، لأنّه إذا اطلقت الصّلاة لا ينسبق إلى الذهن إلاّ تلك الأركان أو الأعمال المخصوصة والمركّب الخارجي من الأجزاء ، لا الأمر البسيط المذكور في كلامه.
ثانيها : ما ذكره المحقّق النائيني رحمهالله بعد اشكاله على جميع ما ذكره الأعمّي والصحيحي وحاصله : إنّ القدر الجامع في الصّلاة مثلاً هو المرتبة العليا من مراتبها ، وأمّا إطلاقها على المراتب الدانيّة فإمّا أن يكون بنوع من الادّعاء والتنزيل ، أي تنزيل الفاقد منزلة الواجد ، فإطلاق الصّلاة على صلاة من يأتي بها جالساً يكون بتنزيلها منزلة صلاة القائم ، أو لاكتفاء الشارع بها عن الصّلاة الكاملة كما في صلاة الغريق ، وهذا لا يختصّ بالصحيحي بل هو عند الأعمّي كذلك ، فإنّ القدر الجامع عنده أيضاً هو المرتبة العليا من الصّلاة وإطلاقها على الفاسد