منها يكون بتنزيله منزلة الصحيح (١). ( انتهى ).
ويرد عليه : أوّلاً : أنّ المرتبة العليا أمر مجهول مبهم ، فهل هي الصّلاة الرباعيّة أو الثلاثيّة أو الثنائيّة؟ فإنّ المرتبة العليا في كلّ واحد منها غيرها في الآخر.
وثانياً : أنّه أيضاً خلاف الوجدان والمتبادر العرفي ، لأنّ إطلاق الصّلاة على المأتي بها جالساً إطلاق حقيقي ، فهي صلاة حقيقة لا مجازاً وادّعاءً.
وثالثاً : إنّه يستلزم عدم ترتّب ثمرة إمكان التمسّك بالإطلاق وعدمه على النزاع بين الصحيحي والأعمى ، وهذا ممّا لا يلتزم به المشهور ، فتأمّل.
ثالثها : ما ذكره بعض الأعلام من أنّ الجامع هو مرتبة من الوجود ، المحدود من طرف القلّة بكونه جامعاً للأركان كلّها ، والملحوظ من طرف الزيادة بنحو اللابشرط بحيث يشمل الأقلّ والأكثر.
توضيح كلامه : إنّ الجامع بين الأفراد الصحيحة ليس جامعاً مقوليّاً ولا جامعاً عنوانيّاً بل هو جامع وجودي ، أمّا عدم كونه جامعاً مقوليّاً فلكون الصّلاة مثلاً من مقولات مختلفة ، فإنّ بعض أجزائها نحو الأذكار من مقولة الكيف المسموع ، وبعضها الآخر نحو الركوع والسجود من مقولة الوضع وهكذا ، وحيث إنّ المقولات من الأجناس العالية لا جنس فوقها فلا يمكن تصوّر جامع بينها ، وأمّا عدم كونه جامعاً عنوانيّاً نحو عنوان « الناهي عن الفحشاء والمنكر » فلأنّه خلاف الوجدان حيث إنّ الوجدان حاكم على أنّ الصّلاة اسم لنفس الأجزاء لا لعنوان الناهي فلابدّ من جامع وجودي وهو في الصّلاة مثلاً مرتبة من الوجود شاملة لأركان الصّلاة من جانب القلّة وتكون بنحو اللابشرط من جانب الكثرة.
ثمّ أورد على نفسه :
أوّلاً : بأنّ لازم هذا وجود قدر جامع في الأركان مع أنّه لا جامع فيها أيضاً فإنّه لا جامع مثلاً بين الانحناء من حال القيام والايماء بالنسبة إلى الركوع.
وثانياً بأنّ لازم كون الجامع المذكور لا بشرط في جانب الكثرة صدق الصّلاة على الصّلاة الفاسدة من ناحية غير الأركان أيضاً ، وهو مخالف للقول بالصحيح.
وتخلّص عن الأوّل بأنّ المراد من الأركان نفس الأركان وأبدالها ، وعن الثاني بإضافة قيد
__________________
(١) راجع أجود التقريرات : ج ١ ، ص ٤٣.