أوّلاً : أن الأوامر الشرعيّة كثيراً ما تكون تأكيداً للواجبات العقليّة.
وثانياً : أنّ عدم الحاجة إلى البيان في بعض الموارد لا يكون دليلاً على عدم إرادة المولى ، ويكفي في هذه المقامات وجود الإرادة ولو في نفس المولى.
الأمر الثالث : ما ورد في لسان الشارع من الأوامر الغيريّة التي تعلّقت ببعض المقدّمات فإنّها صدرت من جانب الشارع إمّا لوجوب خصوصيّة في تلك المقدّمات غير كونها مقدّمة ، أو من باب أنّها مقدّمة لبعض الواجبات ، والأوّل ممنوع بالاتّفاق ، فلا إشكال في أنّ وجوبها إنّما هو بملاك المقدّميّة ، فنتعدّى منها إلى سائر المقدّمات من باب تنقيح المناط.
ومن هذه الأوامر :
منها : قوله تعالى في باب الغسل : ( وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُباً فَاطَّهَّرُوا ). (١)
ومنها : قوله تعالى في باب التيمّم : ( ... فَلَمْ تَجِدُوا ماءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيداً طَيِّباً ). (٢)
ومنها : قوله تعالى في باب الوضوء : ( إِذا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرافِقِ ). (٣)
ومنها : قوله تعالى في آية النفر : ( فَلَوْ لا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ ). (٤)
ومنها : قوله تعالى في باب الجهاد : ( انْفِرُوا خِفافاً وَثِقالاً ). (٥)
ومنها : قوله تعالى في آية السؤال : ( فَسْئَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ ). (٦)
ومنها : قوله تعالى في آية النبأ : ( إِنْ جاءَكُمْ فاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا )(٧) ( حيث إنّ التبيّن ليس واجباً نفسيّاً لإمكان الاحتياط ).
ومنها : قوله تعالى في باب صلاة الجمعة : ( إِذا نُودِيَ لِلصَّلاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلى
__________________
(١) سورة المائدة : الآية ٦
(٢) سورة النساء : الآية ٤٣.
(٣) سورة المائدة : الآية ٦.
(٤) سورة التوبة : الآية ١٢٢.
(٥) سورة التوبة : الآية ٤١.
(٦) سورة الأنبياء : الآية ٧.
(٧) سورة الحجرات : الآية ٦.