أتى بها ارتكب حراماً واقعاً إلاّ أنّه لا يعاقب على ذلك لعدم قصده التوصّل بها إلى الحرام وعدم فعلية الحرمة بالنسبة إليه.
ثمّ إنّ للمحقّق الخراساني رحمهالله تفصيلاً في المقام وحاصله : التفصيل بين المقدّمات التي لا يبقى معها اختيار ترك الحرام أو المكروه على حاله بل بمجرّد الإتيان بها خارجاً يتحقّق الحرام أو المكروه قهراً كما في المقدّمة الأخيرة في الأفعال التسبيبية التوليديّة وبين غيرها من مقدّمات الأفعال الاختياريّة المباشريّة التي لو أتى بتمامها كان اختيار المكلّف باقياً محفوظاً على حاله ، إن شاء أتى بالفعل وإن شاء ترك ، ففي القسم الأوّل تتّصف المقدّمة بالحرمة لعدم توسّط الاختيار بينها وبين الفعل فتسري المبغوضيّة إلى الجميع ، وفي القسم الثاني لا تتّصف المقدّمة بالحرمة لتوسّط الاختيار بينهما ، فيكون المكلّف متمكّناً من ترك الحرام بعد حصول المقدّمات كما كان متمكّناً قبله ، فلا ملاك لتعلّق الحرمة بها ، وأمّا نفس الاختيار فلا يمكن أن يتعلّق به التكليف للزوم التسلسل ( انتهى ).
ويمكن أن يوجّه كلامه بأنّ أفعال الإنسان على قسمين : قسم يخرج عن اختياره بعد تحقّقه كالسهم الذي خرج من القوس ، وهذا ما يسمّى بالأفعال التوليديّة ، وقسم يبقى تحت الاختيار حتّى بعد التحقّق فيمكن له تركه في كلّ آن كمسّ كتابة القرآن الذي يمكن للإنسان أن يرفع يده عنها ، فيكون مراد المحقّق الخراساني رحمهالله من تخلّل الاختيار في هذا القسم الثاني ومن كونه من قبيل الجزء الأخير للعلّة التامّة عدم خروجه عن سيطرته وسلطنته.
نعم ، مع ذلك يرد عليه ما مرّ منّا في مبحث الجبر والتفويض من أنّ الإرادة ليست غير اختياريّة بل هي إراديّة واختياريّة بذاتها ، ولا تحتاج في إراديتها إلى إرادة اخرى حتّى يلزم التسلسل.
هذا مضافاً إلى ما مرّ من الحرمة في هذا القسم الأخير إذا قصد به التوصّل وكانت موصلة إلى الحرام.
بقي هنا أمران :
الأمر الأوّل : ما نسب إلى بعض من أنّ حرمة المقدّمة في الأفعال التوليديّة المحرّمة نفسية لا غيريّة من باب أنّ النهي النفسي متعلّق بها لا بذيّها لعدم كونه مقدوراً للمكلّف ، « فإذا تعلّق