إن قلت : إنّ الأمر متعلّق بطبيعة الصّلاة ، والنهي متعلّق بطبيعة الغصب ، والمجمع فرد لهما ، والفرد مقدّمة لوجود الطبيعي المأمور به أو المنهي عنه ، فتكون الحرمة أو الوجوب المترشّح عليه من جانب الطبيعة وجوباً أو حرمة مقدّميّة غيريّة ، ولا ضير في كون المقدّمة مضافاً إلى وجوبها الغيري حراماً غيريّاً في صورة عدم الانحصار بسوء الاختيار.
قلنا : إنّ الفرد هو عين الطبيعي في الخارج ، وليس مقدّمة للطبيعي ، وعليه فإذا تعلّق الأمر والنهي بالطبيعتين فقد تعلّقا بالمجمع. ( انتهى ).
أقول : لا حاجة إلى المقدّمة الرابعة مع وجود المقدّمة الثالثة ، لأنّه مع كون المتعلّق هو المعنون الخارجي وكون المعنون هو الوجود لا الماهية فالمهمّ حينئذٍ في إثبات الامتناع إنّما هو كون الوجود في المجمع واحداً ، ولا أثر فيه لوحدة ماهيته وتعدّدها ، هذا أوّلاً.
وثانياً : إنّ البحث عن أصالة الماهية أو الوجود وعن وحدة الماهية وتعدّدها إنّما يتصوّر في الماهيات المتأصّلة الخارجيّة بينما العناوين المبحوث عنها في المقام ماهيات اعتباريّة انتزاعيّة.
وثالثاً : لا حاجة إلى المقدّمة الثالثة أيضاً لوضوحها بعد ملاحظة العناوين الانتزاعيّة لأنّ من الواضح أنّ تعدّد أمر انتزاعي ذهني لا يوجب تعدّد منشأ الانتزاع في الخارج.
فظهر أنّ العمدة في كلامه إنّما هي المقدّمتان الأوّليان ، وقد أورد المحقّق البروجردي رحمهالله في حاشيته على الكفاية على أوّليهما بأنّ « الأحكام ليست من مقولة الاعراض كما يلوح من كلام المصنّف بل إنّما تكون من مقولة الإضافات ، والشاهد على ذلك أنّ الحكم يوجد قبل وجود متعلّقه ، بل لا يمكن تعلّقه به بعد وجوده للزوم تحصيل الحاصل كما برهن في محلّه ، لأنّ العرض لا يوجد قبل وجود معروضه بخلاف ما يكون من مقولة الإضافة فإنّه لا يحتاج إلى وجود طرفها حين انتزاعه ، بل إنّما يحتاج تعلّقه إلى تعقّل طرفها كالعلم والقدرة ، فإنّهما وإن كانا بالإضافة إلى العالم والقادر من مقولة العرض ، ويحتاج وجود كلّ منهما إلى وجود معروضة إلاّ أنّهما بالإضافة إلى المعلوم والمقدور كانا من مقولة الإضافة ، وكذلك الحكم والطلب فإنّه وإن كان بالإضافة إلى الحاكم والطالب من مقولة العرض ويحتاج وجوده إلى وجوده لقيامه بالطالب قياماً صدوريّاً إلاّ أنّه بالإضافة إلى المطلوب من مقولة الإضافة ، ولا يحتاج تعلّقه به إلى وجوده ، نعم إنّما يحتاج تعقّله إلى تعقّله ... وعليه ففي مورد تصاديق العنوانين يمكن تعلّق أحد الحكمين به بعد فرض تعلّق الآخر به ، لأنّه حينئذٍ إنّما يتعلّق بالطبائع لا بما هو موجود في