الخارج وصادر عن المكلّف ، فيصحّ أن يكون المجمع مأموراً به لا بما هو هو بل بما هو منطبق مع عنوان المأمور به ، ومنهياً عنه أيضاً لا بما هو هو بل بما هو منطبق مع عنوان المنهي عنه.
ومن ذلك كلّه ظهر لك أيضاً منع المقدّمة الثانيّة فإنّ الالتزام بأنّ متعلّق الأحكام هو فعل المكلّف وما يصدر عنه في الخارج وموجوداً فيه إنّما يبتني على القول بأنّ الأحكام اعراض لا إضافات فإنّها على هذا المبنى تحتاج في تحقّقها إلى وجود المعروض وتحقّق الموضوع ، وأمّا على القول بأنّها إضافات فلا يحتاج إلى وجود الموضوع ، وإذا عرفت أنّ متعلّق الحكم التحريمي غير ما يكون متعلّقاً للحكم الوجوبي حتّى في مورد التصادق والاجتماع فالقول بالجواز أقوى كما لا يخفى .... ( إلى أن قال : ) وإنّا إذا راجعنا إلى وجداننا في الأوامر التوصيلية والعرفيّة ونواهيها نرى الوجدان يحكم بجواز الاجتماع باعتبار إجماع ملاكهما في مورد واحد فيما إذا أمر المولى عبده بغسل ثوبه مثلاً ونهاه عن التصرّف في ملك الغير فغسله بسوء اختياره بماء مملوك للغير ـ يحكم الوجدان بأنّ العبد أتى بالمأمور به والمنهي عنه معاً ، هذا مع أنّ النزاع في التوصّليات والتعبّديات سواء كما لا يخفى ». ( انتهى ) (١).
أقول : الأولى في إثبات عدم وجود التضادّ بين الأحكام أن يقال : إنّ الأحكام امور اعتباريّة وهي ممّا لا تضادّ فيها لإمكان إنشاء امور مختلفة واعتبارها فإنّ الإنشاء خفيف المؤونة كما لا يخفى ، نعم إنّه لا يتصوّر صدوره من الشارع الحكيم من باب اللغويّة ، ولعلّ هذا هو مراد من قال بتضادّ الأحكام الخمسة ، أي أنّه أيضاً يقول به من حيث المبادىء والغايات وأنّ الإرادة والكراهة أعني الحبّ والبغض لا يجتمعان في نفس المولى بالإضافة إلى شيء واحد ـ وإن اجتمعت في ذلك الشيء جهات تقتضي الحبّ والإرادة وجهات اخرى تقتضي البغض والكراهة لأنّه بعد الكسر والانكسار وترجيح أحد الجانبين ينقدح أحدهما في نفس المولى فيوجب البعث أو الزجر.
هذا بحسب المبادىء ، وكذلك بحسب الغايات ومقام الامتثال فلا يمكن للمولى أن يقول للعبد : « تحرّك » وفي نفس الوقت يقول : « لا تتحرّك » فإنّ الامتثال حركة خاصّة خارجيّة من حيث الزمان والمكان والكمّ والكيف وسائر الخصوصيّات ولا يمكن امتثال تكليفين في آنٍ واحد.
__________________
(١) راجع حاشيته على الكفاية : ج ١ ، ص ٣٧٦ ـ ٣٧٩.