خلقك! وإنّما أراد بذلك تنزيه الباري عزوجل عن قول من زعم أنّ الملائكة بنات اللّه. فقال اللّه عزوجل : (أَفَأَصْفَاكُمْ رَبُّكُمْ بِالْبَنِينَ وَاتَّخَذَ مِنْ الْمَلاَئِكَةِ إِنَاثا إِنَّكُمْ لَتَقُولُونَ قَوْلاً عَظِيما) (١). فقال النبي لمّا رآها تغتسل : سبحان الذي خلقك أن يتّخذ له ولدا يحتاج إلى هذا التطهير والإغتسال فلمّا عاد زيد إلى منزله أخبرته امرأته بمجيء رسول اللّه صلىاللهعليهوآله وقوله لها : سبحان الذي خلقك .. فلم يعلم زيد ما أراد بذلك وظنّ أنّه قال ذلك لمّا أعجبه من حسنها فجاء إلى النبي صلىاللهعليهوآله وقال له : يارسول اللّه! إنّ امرأتي في خُلقها سوء وإنّي اُريد طلاقها. فقال له النبي صلىاللهعليهوآله : أمسك عليك زوجك واتّق اللّه وقد كان اللّه عزوجل عرّفه عدد أزواجه وأنّ تلك المرأة منهنّ ، فأخفى ذلك في نفسه ولم يبده لزيد وخشي الناس أن يقولوا : إنّ محمّدا يقول لمولاه : إنّ امرأتك ستكون لي زوجة يعيبونه بذلك فأنزل اللّه عزوجل : (وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللّه عَلَيْهِ) يعني بالإسلام (وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ) يعني بالعتق (أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ وَاتَّقِ اللّه وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللّه مُبْدِيهِ وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللّه أَحَقُّ أَنْ تَخْشَاهُ) ثمّ إنّ زيد بن حارثة طلّقها واعتدّت منه فزوّجها اللّه عزوجل من نبيّه محمّد صلىاللهعليهوآله وأنزل بذلك قرآنا فقال عزوجل : (فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِنْهَا وَطَرا زَوَّجْنَاكَهَا لِكَىْ لاَ يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ فِي أَزْوَاجِ أَدْعِيَائِهِمْ إِذَا قَضَوْا مِنْهُنَّ وَطَرا وَكَانَ أَمْرُ اللّه مَفْعُولاً) ثمّ علم اللّه عزوجل أنّ المنافقين سيعيبونه بتزويجها فأنزل اللّه تعالى :
__________________
(١) سورة الإسراء : (الآية ٤٠).