الثالثة : من حيث إمتيازه عن غيره من الكلام العربي بإمتياز مليح ، فإنّ أيّ كلام في هذه اللغة مهما كان فصيحا وبليغا إذا زيّن بالقرآن الكريم ، تجد القرآن ممتازا عنه ، متفوّقا عليه.
الرابعة : من حيث اتّصافه بنظم فريد ، واُسلوب وحيد ، غير معهود في جميع الأزمنة لا شعرا ولا نثرا ، لذلك نسبه اُدباء الكفّار إلى السحر وذلك لأخذه بمجامع القلوب ، واتّصافه بالجاذبية الخاصّة.
الخامسة : من حيث إنّه مع طوله ووفرة آياته ، وكثرة سوره ، خالٍ عن الإختلال والتناقض والتهافت (وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللّه لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلافا كَثِيرا) (١).
فلا تجد فيه كلمة خالية عن الفصاحة ، ولا آية مخالفة لآية اُخرى ، بل جميعه موصوف بغاية الجودة ، ومتّصف بما لم تجر بمثله العادة.
السادسة : من حيث إشتمال القرآن الكريم على أحسن الآداب ، وأمتن الحِكَم وأكمل المواعظ ، وأصوب القوانين ، وأتمّ الأحكام في العبادات والمعاملات والمعاشرات ، في اُمور الحياة في الاُسره والإجتماع ، وفي جميع الحدود والأقضية في السفر والحضر ، والأمن والخوف ، والحرب والسلم ، والعُسرة والغلبة ، وكلّ ما يحتاجه الإنسان في اُصوله وفروعه ، بشكل ليس فيها أدنى خلل ، ولا يحتاج إلى أقلّ تصحيح ، علما بأنّ ما كان فيه من النسخ فهو مفيد لموقّتيّة الحكم المنسوخ لا تصحيحا لأصل الحكم.
فجعل اللّه تعالى هذا القرآن مشتملاً على كلّ ما يحتاج إليه الاُمم ، وهاديا إلى التي هي أقوم ، كما جعل بيانه وتبيانه عند مهابط وحيه وخزّان علمه ،
__________________
(١) سورة النساء : (الآية ٨٢).