أزيزٌ كأزيز المرجل (١).
وكان ذا خُلُق عظيم ، وإبتهال دائم ، وضراعة كثيرة ، وأدب فائق.
وكان أحلم الناس ، وأشجعهم ، وأعدلهم ، وأسخاهم ، بحيث لم يبق عنده دينار ولا درهم إلاّ أنفقه.
وكان أكثر الناس تواضعا ، يخصف النعل ، ويرقع الثوب ، ويخدم في أهله.
وكان أشدّ الناس حياءا ، ولم يُثبت بصره في وجه أحد استحياءا.
وكان يجيب دعوة الحرّ والعبد ، ويقبل الهديّة ويكافئ عليها ، ولا يأكل الصدقة ، ولا يستكبر عن إجابة الأمة والمسكين.
وكان غضبه لربّه ولا يغضب لنفسه.
وكان يشيع الجنازة ، ويعود المرضى ، ويجالس الفقراء ، ويؤاكل المساكين ، ويكرم أهل الفضل ، ويتألّف أهل الشرف بالبرّ لهم ، ويصل ذوي رحمه ، ولا يجفو على أحد ، ويقبل معذرة المعتذر ، ولا يقول إلاّ حقّا ، ولا يتكلّم إلاّ صدقا.
وكان ضحكه من غير قهقهة ، بل تبسّما إلى أن تبدو نواجذه.
وكان لا يترفّع على عبيده ، ولا يحقّر مسكينا ، ولا يهاب من ملك ، ولا يخاف منه.
ويبدأ من لقيه بالسلام والمصافحة ، ويسلّم على الصبيان.
وكان لا يقوم ولا يقعد إلاّ بذكر اللّه تعالى ، وأكثر ما يجلس مستقبل القبلة ، ويجلس حيث انتهى المجلس ، ولم يُرَ قطّ مادّا رجليه.
وكان يكرم من يدخل عليه حتّى ربّما بسط له ثوبه ، ويُؤْثر الداخل عليه
__________________
(١) المرجل : القدر ، يعني له صوت من خشية اللّه تعالى كصوت القدر حين غليانه.