٦ ـ حديث شيخ الطائفة في الأمالي بسنده عن أمير المؤمنين عليهالسلام في خطبة طويلة قال :
«اسمع ياذا الغفلة والتصريف من ذي الوعظ والتعريف ، جُعل يوم الحشر يوم العرض والسؤال والحباء والنكال ، يوم تقلّب إليه أعمال الأنام ، وتحصى فيه جميع الآثام ، يوم تذوب من النفوس أحداق عيونها ، وتضع الحوامل ما في بطونها ، ويفرّق بين كلّ نفس وحبيبها ، ويحار في تلك الأهوال عقل لبيبها ، إذ نكرت الأرض بعد حسن عمارتها ، وتبدّلت بالخلق بعد أنيق زهرتها ، أخرجت من معادن الغيب أثقالها ، ونفضت إلى اللّه أحمالها ، يوم لا ينفع الحذر إذ عاينوا الهول الشديد فاستكانوا ، وعُرف المجرمون بسيماهم فاستبانوا ، فانشقّت القبور بعد طول إنطباقها ، وإستسلمت النفوس إلى اللّه بأسبابها ، كشف عن الآخرة غطاؤها ، فظهر للخلق أنباؤها ، فدكّت الأرض (١) دكّا دكّا ، ومدّت لأمر يُراد بها مدّا مدّا ، واشتدّ المبادرون إلى اللّه شدّا شدّا ، وتزاحفت الخلائق إلى المحشر زحفا زحفا ، وردّ المجرمون على الأعقاب ردّا ردّا ، وجدّ الأمر ويحك ياإنسان جدّا جدّا ، وقرّبوا للحساب فردا فردا ، وجاء ربّك والملك صفّا صفّا ، يسألهم عمّا عملوا حرفا حرفا ، وجى ء بهم عراة الأبدان ، خشّعا أبصارهم ، أمامهم الحساب ، ومن ورائهم جهنّم يسمعون زفيرها ويرون سعيرها ، فلم يجدوا ناصرا ولا وليّا يجيرهم من الذلّ ، فهم
__________________
(١) أي كُسر كلّ شيء على ظهر الأرض من جبل أو شجر أو بناء حين زلزلت فلم يبق عليها شيء.