مكارم الأخلاق إنّما يعلم بالآثار.
وفي «نهج البلاغة» وبعض الأخبار ممّا يدلّ على أنّ النادر لا عبرة به (١) ما يؤذن بذلك.
ولو لا الشهرة على عدم اعتبار الشهرة فيضعف (٢) لأجلها الاعتماد عليها (٣) ، فينقدح الظنّ الحاصل منها ، لقلنا بحجيّتها.
والقدح بالعدول من الناقل نفسه عن العمل بمقتضاه ، ونقل الإجماع على الخلاف منه ، والاختلاف بين النَّقَلَة ؛ وبأنّه لا تحصل المظنّة بصدق النقل لأنّ ذلك ممّا يستبعده العقل ؛ أو أنّ مستند الإجماع مختلف فيه ، ومذهب الناقل قد يغاير مذهب المنقول له ، مردود.
في الأوّل بأنّ ظهور الخلاف في بعض الأخبار للاشتباه ، واختلافها باختلاف زعم المخبرين لا يقتضي نفي حجيّة جميع الأخبار.
وفي الثاني يمنع الاستبعاد ، ونحن نرى أنّ أكثر الأحكام مستندها الإجماع ، بل لو لم نرجع إلى الإجماع لم تُغنِ الأخبار الواردة في مقامات خاصّة في إثبات الأحكام العامّة ، فيتعطّل أكثر الأحكام الشرعيّة.
وفي الثالث بأنّ البناء في الأفعال ، والأخبار ، والشهادات على الصحّة بالنسبة إلى الواقع دون المذهب.
وبأنّ الإجماع له معنى واحد ، وهو الاتّفاق الكاشف عن قول المعصوم ، وما عداه من جملة القرائن المفيدة للقطع كالعمل المتكرّر ، والتقرير ونحوها ، ليست منه.
وبأنّ الظاهر ممّن ينقل ذلك إرادة المعنى المشترك ، دون المختصّ به. ثمّ ذلك لا يقتضي السلب الكلّي ، وإنّما يقتضي عدم الحجيّة بالنسبة إلى صاحب هذا المذهب (٤) ، وقد مرّ بيانه.
__________________
(١) نهج البلاغة : ٢١١ الخطبة ١٥١ ، وانظر الكافي ١ : ٦٨ ح ١٠ ، والوسائل ١٨ : ٧٦ أبواب صفات القاضي ب ٩ ح ١ ، ٣ ، ٤.
(٢) في «ح» زيادة : وإن لم يمتنع.
(٣) بدل عليها في «س» ، «م» : على هذه الظواهر.
(٤) في «س» : هذا المطلب.