فكشفوا رؤوسهم ورموا مناطقهم على اكتافهم وأخذ جغاتاي (أخوه الكبير) بيده اليمنى وأوتكين عمه بيده اليسرى فأجلساه على سرير المملكة ولقباه (قاآن) وأمسك له الغ نوين كأس شراب فسقاه وجثا كل من كان حاضرا داخل المخيم وخارجه على ركبتيه تسع مرات ودعوا له ، ثم برزوا كلهم إلى الخارج وجثوا ثلاث مرات حيال الشمس.
وإنما اختص الغ نوين بمسك الكأس لأنه أصغر أولاد جنگيزخان. ومن عادة المغول أن الابن الصغير لا يقتسم ولا يخرج عن بيت أبيه. وإذا مات الأب فهو يتولى تدبير المنزل ففي تلك الأربعين يوما كان يقول اوكتاي : إن الغ نوين هو صاحب البيت وأكثر مواظبة لخدمته وأبلغ مني تعلما لسياسته. فالمصلحة تفويض هذا الأمر إليه. فلذلك سبق الجميع بتصريح الطاعة.
وأما الأمراء فانتخبوا من بناتهم الأبكار الصالحة لخدمة قاآن أربعين بنتا وحملوهن مزينات بالحلي الفاخرة والخيول الرائعة إلى خدمته.
ولما فرغ من هذه الأمور صرف همته إلى ضبط الممالك وجهز جورماغون (١) في ثلاثين ألف فارس وسيره إلى ناحية خراسان لتعقب السلطان جلال الدين لأنه كان أتى من الهند واستولى على كرمان وشيراز وأذربيجان وتبريز وعلى مدن أخرى وجمع له جيوشا عظيمة. فلما سمع جلال الدين بسوق الجيوش عليه انسحب إلى انحاء ديار بكر فكردستان بالوجه المنوه عنه فقتله الأكراد رغبة في فرسه وكركه وقيل إنه ترك لباسه واكتسى أثواب درويش ولم يبق له خبر فطمس أثره (٢). وأنفذ سنتاي بهادر (ويروى سيناي بهادر) في مثل ذلك العسكر إلى جانب قفچاق
__________________
(١) ورد بلفظ جرماغون أيضا.
(٢) «ر : ابن العبري ص ٤٣١».