ولم تكن بغداد في يوم مسدودة على هؤلاء الأمراء. وإنما كانت مفتحة الأبواب لهم فكيف تكون مغلقة في وجوهنا وموصدة عنا مع ما لنا من الحول والسلطة والعظمة ...
إننا نحذرك مغبة المناوأة والعداء وأن تتقي الحرب وإلا تضرب ... فالشمس لا تستر بغربال ... هذا وقد مضى ما مضى فعليك أن تهدم القلاع وتطمّ الخنادق وتسلم البلدة والممالك إلى أحد أولادي ، وأن تتوجه لملاقاتنا ، وإذا صعب عليك المجيء فأرسل إلينا الوزير وسليمان شاه والدواتدار ليأخذوا العهد منا ويوصلوه إليك بلا زيادة ولا نقصان.
وإذا لم تفعل ذلك ولم تراع ما انطوى عليه هذا الكتاب فتأهب للقتال واستعد للنضال وجهز جيشك وعين جبهة القتال. فإنا متهيئون للكفاح ، ومستأنسون به ...
فإذا جهزت العساكر وغضبت عليك فاعلم أنك لا تنجو مني ولو صعدت إلى السماء أو اختفيت في باطن الأرض فلا واقي لك ... وإن أردت أن تبقى رئيسا لأسرتك القديمة النبيلة فاسمع نصيحتي ... وإلا فنرى ما يريد الله بنا وبكم». انتهى.
هذا وكان أيام محاصرته قلاع الملاحدة قد سير رسولا إلى الخليفة المستعصم يطلب منه نجدة ـ كما أشار في هذا الكتاب ـ فأراد الخليفة أن يسير إليه فلم يمكنه الأمراء وقالوا :
إن هلاكو رجل صاحب احتيال وخديعة. وليس محتاجا إلى نجدتنا. وإنما غرضه إخلاء بغداد من الرجال ليملكها بسهولة ...
فتقاعد الخليفة بسبب ذلك عن إرسال الرجال. ولما فتح هلاكو تلك القلاع أرسل رسولا آخر إلى الخليفة وعاتبه على إهماله تسيير النجدة بكتابه المدون اعلاه فوصل الرسل إلى بغداد وأنذروا الخليفة وحينئذ شاور الوزير فيما يجب أن يفعلوه فقال :