ـ لا وجه لإرضاء هذا الملك الجبار إلا ببذل الأموال والهدايا والتحف له ولخواصه ...
وعند ما أخذوا في تجهيز ما يسيرونه من الجواهر والمرصعات والثياب والذهب والفضة والمماليك والجواري والخيل والبغال والجمال قال الدويدار الصغير وأصحابه :
إن الوزير إنما يدبر شأن نفسه مع التتار وهو يروم تسليمنا إليهم.
فلا نمكنه من ذلك!!
وحينئذ أبطل الخليفة تنفيذ الهدايا الكثيرة واقتصر على شيء نزر لا قيمة له وأرسله مع شرف الدين عبد الله ابن استاذ الدار محيي الدين يوسف ابن الجوزي وكان رجلا فصيحا وجعل صحبته جماعة سيرهم مع رسل هلاكو ، وزود الخليفة رسله بجواب إلى هلاكو وهو :
أيها الولد الغر الذي لم يبلغ الحلم أظن أنك تريد أن تذهب بحياتك وتتطلب قصر الأجل ، تتخيل أن اقبال الأيام ومساعدة الظروف تدوم لك ، كأنك تحاول أن تسيطر على العالم ، وتحسب أن أمرك قضاء مبرم ، وإرادتك حكم محتم ، فأراك تطمع بما لا يتيسر ...!
أما تعلم أن أهل المشرق والمغرب من غني وفقير وشيخ وشاب ممن يدينون بدين الله يذعنون لي بالطاعة ، وإذا أشرت عليهم أن يجمعوا شملهم فعلوا واستولوا على ايران وتوجهوا من هناك إلى توران فاكتسحوا ممالككم إلا أني لا أرغب في ايجاد البغضاء ولا أود أذى الخلق فلا أحب أن يفتح لسان الورى من هيبة جيوشي ورهبتهم بتحسين أو استياء ...!!
وأنت لو كنت تزرع بذر المحبة والسلم في قلبك لما كنت تكلفنا بهدم القلاع وطمّ الخنادق.