«قال ابن الساعي : شاهدته يعني الخليفة المستعصم وهو اسمر اللون مسترسل اللحية ، ربعة ، ليس بالطويل ، ظاهر الحياء ، لين الكلام ، سهل الاخلاق ، سليم الصدر ...
كان حافظا للقرآن المجيد ، عاكفا على تلاوته مواظبا على الصلوات في أوقاتها وصوم الأثنين والخميس من كل شهر وصوم شهر رجب دائما لا يخل بذلك مدة خلافته وقبل خلافته وله جاريتان قبل الخلافة له من إحداهما ثلاثة بنين وبنت ومن الأخرى أربع بنات فلما أفضت الخلافة إليه لم يتغير عليهما ولا اغارهما بل راعاهما حفظا لعهدهما. ثم طلبت منه أم البنين أن يعتقها ويتزوجها ففعل ذلك فلما ماتت استجد أخرى وحظيت عنده فلم يعترض بغيرها وجاء منها بولد ذكر وطلبت منه أيضا أن يعتقها ويتزوجها ففعل ذلك. هذا فيما يرجع إلى حسن العشرة وحفظ العهد ومراعاة الصحبة والوفاء. وكان عفيف الفرج لم ينكشف ذيله على حرام قط ، ولا شرب مسكرا ولا وقعت عينه عليه ، ولم يعلم أنه عصى الله بفرجه ولا فمه غير أنه لم ينزه سمعه من سماع المحرم فإنه كان مغرما بسماع الملاهي محبا للهو واللعب ، يبلغه أن مغنية ، أو صاحب طرب في بلد من البلاد فيراسل سلطان ذلك البلد في طلبه.
ثم وكل أموره الكليات إلى غير الأكفاء وأهمل ما يجب عليه حفظه والنظر فيه فأنفذ الله فيه قضاءه وقدره وأجرى عليه ما قدره فقتل ... فكانت مدة خلافته ١٦ سنة و ٧ أشهر و ٤ أيام وعمره ٤٦ سنة ... وكان ولد يوم ١١ شوال سنة ٦٠٩ وأمه أم ولد واسمها هاجر.» ا ه.
والظاهر كما يفهم من الاستدلال ببعض الحوادث والنقول المارة أنه كان مغلوبا على أمره ، وأمراؤه متخالفون ، فهو مضطر للمماشاة وتوجيه الإدارة بقدر الإمكان ...