نزله وحكمه في ماله فقال إنما أحب أهلي ومالي الذي تركته بحلب فدعا مهنا بإخوته وبني عمه فشاورهم في أمره فمنهم من أجابه إلى ما اراد ومنهم من قال له كيف نحارب الملك الناصر ونحن في بلاده بالشام فقال لهم مهنا : أما أنا فأفعل لهذا الرجل ما يريده وأذهب معه إلى سلطان العراق. وفي أثناء ذلك ورد عليهم الخبر بأن أولاد قراسنقر سيروا على البريد إلى مصر فقال مهنا لقراسنقر أما أولادك فلا حيلة فيهم وأما مالك فنجتهد في خلاصه فركب فيمن أطاعه من أهله واستنفر من العرب نحو خمسة وعشرين ألفا وقصدوا حلب فأحرقوا باب قلعتها وتغلبوا عليها واستخلصوا منها نحو مال قراسنقر ومن بقي من أهله ولم يتعدوا إلى سوى ذلك وقصدوا ملك العراق وصحبهم أمير حمص الأفرم ووصلوا إلى الملك محمد خدابنده سلطان العراق وهو بموضع مصيفه المسمى (قراباغ) وهو ما بين السلطانية وتبريز فأكرم نزلهم وأعطى مهنا عراق العرب وأعطى قراسنقر مدينة مراغة من عراق العجم وتسمى (دمشق الصغيرة) وأعطى الأفرم همذان وأقام عنده مدة مات فيها الأفرم. وعاد مهنا إلى الملك الناصر بعد مواثيق وعهود أخذها منه وبقي قراسنقر على حاله. وكان الملك الناصر يبعث له الفداوية (١) مرة بعد مرة ومنهم من يدخل عليه داره فيقتل دونه ومنهم من يرمي بنفسه عليه وهو راكب فيضربه وقتل بسببه من الفداوية جماعة وكان لا يفارق الدرع أبدا ولا ينام إلا في بيت العود والحديد. فلما مات السلطان محمد وولي ابنه أبو
__________________
(١) هؤلاء من طائفة الإسماعيلية يقيمون في حصون عديدة في سورية منها حصن الكهف وحصن مصياف وحصن العليقة وحصن المينقة وحصن القدموس ولا يدخل على هؤلاء أحد من غيرهم وهم سهام الملك لناصريهم يصيب من يعدو عنه من أعدائه بالعراق وغيرها ولهم المرتبات وإذا أراد السلطان أن يبعث أحدهم إلى اغتيال عدو له اعطاه ديته فإن سلم بعد تأتى ما يراد منه فهي له وإن أصيب فهي لولده ولهم سكاكين مسمومة يضربون بها من بعثوا إلى قتله ... ا ه ابن بطوطة ج ١ ص ٤٣.