ابن الأمير چوبان المتغلب على أبي سعيد وعن يمينه وشماله شبارتان فيهما أهل الطرب والغناء ورأيت من مكارمه في ذلك اليوم أنه تعرض له جماعة من العميان فشكوا ضعف حالهم فأمر لكل واحد منهم بكسوة وغلام يقوده ونفقة تجرى عليه ولما ولي السلطان أبو سعيد وهو صغير كما ذكرنا استولى على أمره أمير الأمراء الچوبان وحجر عليه التصرفات حتى لم يكن بيده من الملك إلا الاسم ويذكر أنه احتاج في بعض الأعياد إلى نفقة ينفقها فلم يكن له سبيل إليها فبعث إلى أحد التجار فأعطاه من المال ما أحب ولم يزل كذلك إلى أن دخلت عليه يوما زوجة أبيه دنيا خاتون (١) فقالت له لو كنا نحن الرجال ما تركنا الچوبان وولده على ما هما عليه فاستفهمها عن مرادها بهذا الكلام فقالت له لقد انتهى أمر دمشق خواجة ابن الچوبان إلى أن يفتك بحرم أبيك وأنه بات البارحة عند طغا خاتون وقد بعث إليّ وقال لي الليلة ابيت عندك وما الرأي إلا أن تجمع الأمراء والعساكر فإذا صعد إلى القلعة مختفيا برسم المبيت أمكنك القبض عليه وأبوه يكفي الله أمره وكان الچوبان إذ ذاك غائبا بخراسان فغلبته الغيرة وبات يدبر أمره فلما علم أن دمشق خواجة بالقلعة أمر الأمراء والعساكر أن يطيفوا بها من كل ناحية فلما كان بالغد وخرج دمشق ومعه جندي يعرف بالحاج المصري فوجد سلسلة معرضة على باب القلعة وعليها قفل فلم يمكنه الخروج راكبا فضرب الحاج المصري السلسلة بسيفه فقطعها وخرجا معا فأحاطت بهما العساكر ولحق أمير من الأمراء الخاصكية يعرف بمصر خواجة وفتى يعرف بلؤلؤ دمشق خواجة فقتلاه وأتيا الملك أبا سعيد برأسه فرموا به بين يدي فرسه وتلك عادتهم أن يفعلوا برأس كبار أعدائهم وأمر السلطان بنهب داره وقتل من قاتل
__________________
(١) هذه بنت الملك المنصور نجم الدين غازي الثاني ابن قرا ارسلان وهو عاشر أمراء الايلغازية من بني ارتق وقد مرت الإشارة عن تزوج السلطان خدابنده بها ...