لسرية السلطان مع كشلوخان فأنعم عليه السلطان برياسة عامة على خراسان فمني منه الرؤساء بداهية دهياء وخطة نكراء وأما كشلوخان فإن السلطان جهز عليه جيشا بلغت عدته ستين ألفا وذلك بعد أن بعث إليه عدة سرايا. هذا من جهة ومن أخرى هاجمه جنگيزخان فوقع بين نارين لا مخلص له منهما (١) فقضى عليه ومن ثم نشأت العلاقات وصار جنگيزخان مجاورا لبلاد المسلمين فاقتضى التطلع على أحوال التتر ففي سنة ٦٠٩ ه ١٢١٣ م قصد ثلاثة نفر من تجار البخاريين ديار التتر ومعهم البضائع من الثياب المذهبة والكرباس وغيرهما مما يليق بالمغول لما سمعوا أن للمتاع عندهم قيمة وافرة (٢) ... ذهبوا إلى هناك بقصد التجارة ظاهرا ولكن لا يغب عن اذهاننا أن استيلاء جنگيزخان على المجاورين وقيامه بهذا الفتح العظيم مما دعا إلى التطلع على أحواله والوقوف على نواياه والتجسس عن أخباره. فكانت هذه القافلة الأولى التي ارسلها خوارزمشاه باسم تجار لنفائس البضائع ، فلم يضع الفرصة ولم يدع هذا الفاتح الجديد يتوغل وهو في جهالة عنه ، وإهمال لشأنه وإنما راعى الحيطة بأقصى ما يمكن ...
إن هؤلاء التجار وجدوا الطرق محروسة قد أقام بها جنگيزخان جماعة يسمونهم (قراقجية) أي مستحفظين يخفرون المترددين إليهم أو أنهم يراقبون الحدود ويترصدون المارة كما هو معلوم اليوم من تفتيش المارة على الحدود وطلب جواز منهم ومراقبة أحوالهم. فقوى عزمهم وساروا نحوهم. ولما وصلوا إلى نواحيهم وافاهم المستحفظون ووقفوا على ما معهم من السلع (ولم تكن السلع هي الغرض الوحيد من التحريات) فرأوا قماش واحد منهم اسمه أحمد لائقا للخان فسيروه مع
__________________
(١) «ر : منكبرتي ص ٩ وما يليها».
(٢) ابن العبري ص ٤٠٠.