الاستواء ، أقائم هو أم قاعد؟ فقال : «لا يملّ عن القيام حتى يقعد ، ولا يملّ عن القعود حتى يقوم ، وأنت إلى غير هذا السؤال أحوج».
قال الشيخ أبو عمرو بن الصلاح : «وعلى هذه الطريقة مضى صدر الأمة وسادتها ، وإياها اختار أئمة الفقهاء وقادتها ، وإليها دعا أئمة الحديث وأعلامه ، ولا أحد من المتكلمين من أصحابنا يصدف عنها ويأباها» (١). وأفصح الغزاليّ عنهم في غير موضع بنهجين ما سواها حتى ألجم آخرا في «إلجامه» كلّ عالم أو عامّيّ عما عداها. قال : وهو كتاب «إلجام العوام عن علم الكلام» (٢) [وهو] (٣) آخر تصانيف الغزالي مطلقا ، [أو] (٣) آخر تصانيفه في أصول الدين ، حثّ فيه على مذاهب السلف ومن تبعهم.
وممن نقل عنه التأويل عليّ ، وابن مسعود ، وابن عباس وغيرهم.
وقال الغزاليّ في كتاب «التفرقة بين الإسلام والزندقة» (٤) : إن الإمام أحمد أوّل في ثلاثة مواضع ، وأنكر ذلك عليه بعض المتأخرين.
(قلت) : وقد حكى ابن الجوزي عن القاضي أبي يعلى (٥) تأويل أحمد في قوله تعالى : (أَوْ يَأْتِيَ رَبُّكَ) (الأنعام : ١٥٨) قال : وهل هو إلا أمره ، بدليل قوله : (أَوْ يَأْتِيَ أَمْرُ رَبِّكَ) (النحل : ٣٣)
واختار ابن برهان (٦) وغيره من الأشعرية التأويل ، قال : ومنشأ الخلاف بين الفريقين :
__________________
(١) قول ابن الصلاح نقله مرعي بن يوسف الكرمي في أقاويل الثقات ص ٦٦.
(٢) طبع في الآستانة ١٢٨٧ ه / ١٨٧٠ م ، وفي الهند مدراس ١٣٠٦ ه / ١٨٨٤ م ، وفي مصر مطبعة المدارس ١٣٠٦ ه / ١٨٨٤ م وسنة ١٣٠٩ ه / ١٨٨٧ م ، وطبع ضمن عنوان : أربع رسائل للغزالي في القاهرة بالمطبعة الإسلامية سنة ١٣٠٣ ه / ١٨٨١ م وسنة ١٣٠٩ ه / ١٨٨٧ م ، وفي الهند بمبئي ١٣١٣ ه / ١٨٩١ م (معجم سركيس ص ١٤١٠) ، ثم طبع في بيروت بدار الكتب العربي بتحقيق محمد المعتصم بالله البغدادي سنة ١٤٠٦ ه / ١٩٨٥ م ، وانظر كلامه الذي أشار إليه ابن الصلاح في الباب الأول من الكتاب في شرح اعتقاد السلف ص ٥٣.
(٣) ليست في المطبوعة.
(٤) طبع في مصر بمطبعة الترقي ١٣١٩ ه / ١٨٩٧ م ، وطبع في مصر ١٣٢٥ ه / ١٩٠٣ م ومعه خمس رسائل للمؤلف ، وفي القاهرة بمكتبة عيسى البابي بتحقيق سليمان دنيا ١٣٧٣ ه / ١٩٦١ م (معجم المنجد ٢ / ١٠٢).
(٥) هو محمد بن الحسين بن محمد الفراء تقدم في ٢ / ١٢٨.
(٦) هو أحمد بن علي بن برهان ـ وبرهان بفتح الباء كذا ضبطه الذهبي في المشتبه ١ / ٧٠ ـ أبو الفتح البغدادي