اعتدلت مفرداته تركيبا وزنة ، وعلت مركّباته معنى ، بأن يوقع كل فن في مرتبته العليا في اللفظ والمعنى. واختاره ابن الزّملكانيّ في «البرهان» (١).
* (الثالث) ما فيه الإخبار عن الغيوب المستقبلة ، ولم يكن ذلك من شأن العرب ، كقوله تعالى : (قُلْ لِلْمُخَلَّفِينَ مِنَ الْأَعْرابِ) (الفتح : ١٦) وقوله في [قصة] (٢) أهل بدر : (سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ [الدُّبُرَ]) (٣) (القمر : ٤٥) وقوله : (لَقَدْ صَدَقَ اللهُ رَسُولَهُ الرُّؤْيا) (الفتح : ٢٧) وكقوله : (وَعَدَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ) (النور : ٥٥) وقوله : (الم* غُلِبَتِ الرُّومُ) (الروم : ١ و ٢) وغير ذلك مما أخبر به بأنه سيقع فوقع. وردّ هذا القول بأنه يستلزم أن الآيات التي لا خبر فيها بذلك لا إعجاز فيها ؛ وهو باطل ، فقد جعل الله كل سورة معجزة بنفسها.
* (الرابع) ما تضمن من إخباره عن قصص الأولين وسائر المتقدمين ، حكاية من شاهدها وحضرها ، وقال : (تِلْكَ مِنْ أَنْباءِ الْغَيْبِ نُوحِيها إِلَيْكَ ما كُنْتَ تَعْلَمُها أَنْتَ وَلا قَوْمُكَ مِنْ قَبْلِ هذا ...) الآية (هود : ٤٩). وهو مردود بما سبق ، نعم هذا والذي قبله من أنواع الإعجاز ، لا (٤) أنه منحصر فيه.
* (الخامس) إخباره عن الضمائر من غير أن يظهر ذلك منهم بقول أو فعل ، كقوله : (إِذْ هَمَّتْ طائِفَتانِ مِنْكُمْ أَنْ تَفْشَلا) (آل عمران : ١٢٢) وقوله : (وَإِذا جاؤُكَ حَيَّوْكَ بِما لَمْ يُحَيِّكَ بِهِ اللهُ وَيَقُولُونَ فِي أَنْفُسِهِمْ لَوْ لا يُعَذِّبُنَا اللهُ) (المجادلة : ٨) [وقوله : (وَإِذْ يَعِدُكُمُ اللهُ]) (٥) إِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ أَنَّها لَكُمْ وَتَوَدُّونَ ... الآية (الأنفال : ٧) وكإخباره عن اليهود أنهم لا يتمنون الموت أبدا.
__________________
(١) ابن الزملكاني هو عبد الواحد بن عبد الكريم تقدم التعريف به في ١ / ١٣٥ ، وكتابه «البرهان الكاشف عن إعجاز القرآن» طبع في بغداد مطبعة العاني بتحقيق خديجة الحديثي وأحمد مطلوب سنة ١٣٩٤ ه / ١٩٧٤ م (معجم المنجد ٥ / ٨٠).
(٢) ليست في المطبوعة.
(٣) ليست في المخطوطة.
(٤) عبارة المطبوعة (إلا أنه منحصر فيه).
(٥) ليست في المطبوعة.