(السابع) : أن وجه الإعجاز الفصاحة ، وغرابة الأسلوب ، والسلامة من جميع العيوب ، وغير ذلك مقترنا [٩١ / أ] بالتحدّي ، واختاره الإمام فخر الدين (١) ؛ وهو قريب مما سبق ، وقد قال تعالى : (قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هذَا الْقُرْآنِ لا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ) (الإسراء : ٨٨) والمراد : بمثل نظمه ؛ بدليل قوله تعالى : (فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ) (البقرة : ٢٣) وقول من قال : إن الضمير في ([مِنْ]) (٢) مِثْلِهِ عائد على الله [تعالى] (٣) ضعيف ، [بقوله : (بِعَشْرِ سُوَرٍ]) (٢) مِثْلِهِ (هود : ١٣) والسياق واحد.
* (الثامن) : ما فيه من النظم والتأليف والترصيف ، وأنه خارج عن جميع وجوه النظم المعتاد في كلام العرب ، ومباين لأساليب خطاباتهم ، واختاره القاضي أبو بكر (٤). قال : «ولهذا لم يمكنهم معارضته». قال : (٥) «ولا سبيل إلى معرفة إعجاز القرآن من أصناف البديع التي (٦) ادّعوها في الشعر ؛ لأنه ليس مما يخرق العادة ، بل يمكن استدراكه بالتعلّم (٧) والتدريب والتصنع له (٨) ، كقول الشعر ، ورصف (٩) الخطب ، وصناعة الرسالة ، والحذق في البلاغة ، وله طريق يسلك (١٠) ... فأما شأو نظم القرآن فليس له مثال يحتذى عليه ، ولا إمام يقتدى به ، ولا يصح وقوع مثله اتفاقا ...». قال : «ونحن نعتقد أن الإعجاز في بعض القرآن أظهر ، وفي بعض أدقّ وأغمض».
ثم قال القاضي (١١) : «فإن قيل : ما الذي وقع التحدي به؟ أهو الحروف المنظومة؟ أو
__________________
(١) هو محمد بن عمر بن الحسين المشهور بفخر الدين الرازي تقدم التعريف به في ١ / ١٠٦ وانظر قوله حول الإعجاز في تفسيره الكبير ١ / ١١٥ ـ ١١٦ في الكلام على قوله تعالى (وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنا عَلى عَبْدِنا) [البقرة : ٢٣] وله كتاب أيضا في الإعجاز اسمه «نهاية الإيجاز في دراية الإعجاز» تقدم في الكتب المؤلفة في هذا النوع.
(٢) ليست في المخطوطة.
(٣) ليست في المطبوعة.
(٤) انظر قول أبي بكر الباقلاني في كتابه «إعجاز القرآن» ص ٣٥ فصل في جملة وجوه إعجاز القرآن ، الوجه الثالث
(٥) انظر قوله هذا في إعجاز القرآن ص ١١١ ـ ١١٢ ، فصل في ذكر البديع من الكلام. بتصرف.
(٦) في المخطوطة (الذي).
(٧) في المخطوطة (بالعلم).
(٨) في المخطوطة (به).
(٩) في المخطوطة (ووصف).
(١٠) في المخطوطة (المسلك).
(١١) انظر إعجاز القرآن ص ٢٦٠ ، فصل فيما يتعلق به الإعجاز.