الكلام القائم بالذات؟ أو غيره؟ قلنا (١) : الذي تحدّاهم به (٢) [أن يأتوا على الحروف التي هي نظم القرآن منظومة حكمها ، متتابعها كتتابعها ، مطّردة كاطّرادها ، ولم يتحدّهم إلى] (٢) أن يأتوا بالكلام القديم الذي لا مثل له».
وقال بعض الأئمة : ليس الإعجاز المتحدّى به إلا في النظم ، لا في المفهوم؟ لأن المفهوم لم يمكن الإحاطة به ، ولا الوقوف على حقيقة المراد (٣) منه ، فكيف يتصور أن يتحدّى بما لا يمكن الوقوف عليه ، إذ هو يسع (٤) كل شيء فأي شيء قوبل به ادّعى أنه غير المراد ، ويتسلسل!
(التاسع) : أنه شيء لا يمكن التعبير عنه ، وهو اختيار السّكاكيّ (٥) حيث قال في «المفتاح» : «واعلم أن شأن الإعجاز يدرك ولا يمكن وصفه ، كاستقامة الوزن تدرك (٦) ولا يمكن وصفها ، وكالملاحة. وكما يدرك طيب النغم العارض لهذا الصوت (٧) ، ولا طريق إلى تحصيله لغير (٨) ذوي الفطر السليمة إلاّ بإتقان علمي المعاني والبيان والتمرّن فيهما (٩)».
وقال أبو حيان التوحيدي (١٠) في «البصائر» : «لم أسمع كلاما ألصق بالقلب ، وأعلق بالنفس من فصل تكلّم به بندار بن الحسين الفارسي (١١) ـ وكان بحرا في العلم ـ وقد سئل عن
__________________
(١) في إعجاز القرآن : قيل.
(٢) ما بين الحاصرتين ساقط من المخطوطة.
(٣) عبارة المخطوطة (على حقيقته والمراد).
(٤) في المخطوطة (مع) بدل (هو يسع).
(٥) هو يوسف بن أبي بكر بن محمد بن علي أبو يعقوب السكاكي تقدمت ترجمته في ١ / ١٦٣. وانظر قوله في كتابه مفتاح العلوم ص ٤١٦ ، بتصرف.
(٦) في المخطوطة (يدرك).
(٧) في المخطوطة (العيوب).
(٨) في المخطوطة (بغير).
(٩) في المخطوطة (فيها).
(١٠) هو علي بن محمد بن العباس أبو حيان التوحيدي تقدمت ترجمته في ١ / ٣٤٢. وكتابه «البصائر» تقدم التعريف به في ١ / ٤١٤.
(١١) هو بندار بن الحسين الشيرازي أبو الحسين الشافعي ، شيخ الصوفية ، القدوة. صحب الشبلي ، وكان ذا أموال فأنفقها وتزهّد ، وله معرفة في الكلام والنظر ، وهو خادم الإمام أبي الحسن الأشعري ، قال الخطيب : «كان بندار من أهل الفضل المتميزين بالمعرفة والعلم» وكان عالما بالأصول. ت ٣٥٣ ه (السبكي ، طبقات الشافعية ٢ / ١٩٠).