السورة لا تقوم (١) عليه الحجة به إلا في النوع الواحد الذي تضمنته السورة الواحدة فقط ، وكان في اجتماع المعاني الكثيرة في السورة الواحدة أوفر حظا ، وأجدى نفعا من التخيير لما ذكرناه.
قال الخطّابي : «وقلت : في إعجاز القرآن وجها ذهب عنه الناس وهو صنيعه بالقلوب ، وتأثيره في النفوس ، فإنك لا تسمع كلاما غير القرآن منظوما ولا منثورا إذا قرع السمع خلص له إلى القلب من اللذة والحلاوة في حال ، ومن الروعة والمهابة في حال (٢) أخرى ما يخلص منه إليه. قال الله تعالى : (لَوْ أَنْزَلْنا هذَا الْقُرْآنَ عَلى جَبَلٍ لَرَأَيْتَهُ خاشِعاً مُتَصَدِّعاً مِنْ خَشْيَةِ اللهِ) الآية (٣) (الحشر : ٢١) وقال (٤) تعالى : (اللهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتاباً مُتَشابِهاً مَثانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ) الآية (الزمر : ٢٣).
قلت : ولهذا أسلم جبير بن مطعم لما سمع قراءة النبي صلىاللهعليهوسلم للطّور حتى انتهى إلى قوله : (إِنَّ عَذابَ رَبِّكَ لَواقِعٌ) (الطور : ٧) قال : خشيت أن يدركني العذاب. وفي لفظ : «كاد قلبي يطير فأسلم» (٥). وفي أثر آخر أن عمر لمّا سمع سورة طه (٦) أسلم ، وغير (٧) ذلك. وقد صنف بعضهم كتابا فيمن مات بسماع آية من القرآن.
__________________
(١) في المخطوطة (يقيم).
(٢) في المخطوطة (حالة).
(٣) ليست في المطبوعة.
(٤) في المخطوطة (وقوله).
(٥) في المخطوطة (كاد قلبي يطير) والحديث أخرجه مع ذكر الشاهد سعيد بن منصور وابن سعد (ذكره السيوطي في الدر المنثور ٦ / ١١٨ وأخرجه بأصله ـ دون ذكر الشاهد ـ الشافعي في الأم ٧ / ٢٠٦ ، باب القراءة في المغرب ، والحميدي في المسند ١ / ٢٥٤ ، أحاديث جبير بن مطعم. وأحمد في المسند ٤ / ٨٣ و ٨٥ ، أحاديث جبير بن مطعم ، والبخاري في الصحيح ٢ / ٢٤٧ ، كتاب الأذان (١٠) ، باب الجهر في المغرب (٩٩) ، الحديث (٧٦٥) ، وأخرجه في موضع آخر في ٨ / ٦٠٣ ، كتاب التفسير (٦٥) ، باب (١) ، الحديث (٤٨٥٤) ، باختلاف في الشاهد وهو قوله في هذا الحديث : «... فلما بلغ هذه الآية (أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمُ الْخالِقُونَ ...) وأخرجه مسلم في الصحيح ١ / ٣٣٨ ـ ٣٣٩ : كتاب الصلاة ، باب القراءة في الصبح (٣٥) ، الحديث (١٧٤ / ٤٦٣).
(٦) الأثر أخرجه ابن سعد في الطبقات الكبرى ٣ / ٢٦٨ ، باب إسلام عمر رضياللهعنه.
(٧) في المخطوطة (إلى غير).