أجل ذلك ليزينها لهم ، قال تعالى : (وَجَدْتُها وَقَوْمَها يَسْجُدُونَ لِلشَّمْسِ مِنْ دُونِ اللهِ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطانُ أَعْمالَهُمْ) (النمل : ٢٤) ولما كان في مطلع النيرات من العبر بطلوعها من هناك وظهورها عظمت المحنة بهن ، ولما في الغروب من عدم تلك العلة التي تتبين هناك بتزيين العدو لها ، وإليه أشار صلىاللهعليهوسلم بقوله [٩٧ / أ] : «وتغرب بين قرني الشيطان» (١). ولأجل ما بين معنى الإقبال والإدبار كان باب التوبة مفتوحا من جهته إلى يوم تطلع الشمس منه ، ألا تسمع إلى قوله تعالى : (وَجَدَها تَطْلُعُ عَلى قَوْمٍ لَمْ نَجْعَلْ لَهُمْ مِنْ دُونِها سِتْراً) (الكهف : ٩٠) أي وقعت عقولهم عليها ، وحجبت بها عن حالتها ، مع قوله : (لا تَسْجُدُوا لِلشَّمْسِ وَلا لِلْقَمَرِ) (فصلت : ٣٧).
وفي قوله عند طلوعها : (هذا رَبِّي) (الأنعام : ٧٦) وعند غروبها : (لا أُحِبُّ الْآفِلِينَ) (الأنعام : ٧٦) (لَئِنْ لَمْ يَهْدِنِي رَبِّي لَأَكُونَنَّ مِنَ الْقَوْمِ الضَّالِّينَ) (الأنعام : ٧٧) ما يبين تصديق النبي صلىاللهعليهوسلم في قوله : «رأس الفتنة والكفر نحو المشرق» (٢) ، وإن «باب التوبة مفتوح من قبل المغرب» (٣).
ومن ذلك بدء الوحي في قوله سبحانه [وتعالى] : (أَتى أَمْرُ اللهِ فَلا تَسْتَعْجِلُوهُ) (النحل : ١) إلى قوله : (يُنَزِّلُ الْمَلائِكَةَ بِالرُّوحِ مِنْ أَمْرِهِ عَلى مَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ) (النحل : ٢).
__________________
(١) الحديث من رواية عمرو بن عنبسة رضياللهعنه ، أخرجه مسلم في الصحيح ١ / ٥٦٩ ـ ٥٧٠ كتاب صلاة المسافرين ... (٦) ، باب إسلام عمرو بن عنبسة رضياللهعنه (٥٢) ، الحديث (٢٩٤ / ٨٣٢) ضمن حديث طويل.
(٢) تقدم تخريجه في ٢ / ٢٦٠.
(٣) الحديث من رواية صفوان بن عسّال رضياللهعنه ، أخرجه أبو داود الطيالسي في المسند ص ١٦٠ ـ ١٦١ ، الحديث (١١٦٨) ، وأحمد في المسند ٤ / ٢٤٠ ، والترمذي في السنن ٥ / ٥٤٦ ـ ٥٤٧ برواية مطولة ، كتاب الدعوات (٤٩) ، باب في فضل التوبة (٩٩) ، الحديث (٣٥٣٦) ، وأخرجه النسائي في السنن الكبرى عزاه له المزي في تحفة الأشراف ٤ / ١٩٢ الحديث (٤٩٥٢) ، وأخرجه ابن ماجة في السنن ٢ / ١٣٥٣ كتاب الفتن (٣٦) ، باب طلوع الشمس من مغربها (٣٢) ، الحديث (٤٠٧٠) ، والطبري في التفسير ٨ / ٧٢ سورة الأنعام ، الآية (١٥٨) ، والطبراني في المعجم الكبير ٨ / ٧٠ الحديث (٧٣٦٠) ، والبيهقي في السنن الكبرى ١ / ٢٨٢ كتاب الطهارة باب رخصة المسح لمن لبس الخفين ... ، وأخرجه سعيد بن منصور ، وعبد بن حميد ، وابن المنذر ، وأبو الشيخ ، وابن مردويه (الدر المنثور ٣ / ٥٩).