أجل استكبارهم وإبائهم من قول : «لا إله إلا الله» ، مفهوم هذا أنهم إذا قالوها مخلصين بها حرّموا على النار.
وقوله صلىاللهعليهوسلم : «من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم ضيفه» (١) في قوله تعالى : (حَدِيثُ ضَيْفِ إِبْراهِيمَ الْمُكْرَمِينَ) (الذاريات : ٢٤) وقوله : ([وَالْجارِ ذِي الْقُرْبى] (٢) وَالْجارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالْجَنْبِ وَابْنِ السَّبِيلِ) (النساء : ٣٦) وهذه الأربع كلمات جمعن حسن الصحبة للخلق ؛ لأن من كفّ سره وأذاه ، وقال خيرا أو صمت عن الشر وأفضل على جاره ، وأكرم ضيفه ، فقد نجا من النار ، ودخل الجنة إذا كان مؤمنا [بالله] (٢) ، وسبقت له الحسنى ، فإن العاقبة مستورة ، والأمور بخواتيمها ؛ ولهذا قيل : لا يغرنّكم صفاء الأوقات ، فإن تحتها غوامض الآفات.
وقوله : «رأس الكفر نحو المشرق» (٣) في قوله تعالى : (وَكَذلِكَ نُرِي إِبْراهِيمَ مَلَكُوتَ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَلِيَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِينَ* فَلَمَّا جَنَّ عَلَيْهِ اللَّيْلُ رَأى ...) الآية (الأنعام : ٧٥ و ٧٦) فأخبر أن الناظر في ملكوت الله لا بد له من ضروب الامتحان ، وأن الهداية يمنحها (٤) الله للناظر بعد التبري منها ، والمعصوم من عصمه الله ، قال [الله] (٥) تعالى : (إِنِّي ذاهِبٌ إِلى رَبِّي سَيَهْدِينِ) (الصافات : ٩٩) وقال : (فَلَمَّا اعْتَزَلَهُمْ وَما يَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ وَهَبْنا لَهُ إِسْحاقَ وَيَعْقُوبَ) (مريم : ٤٩) وطلوع الكواكب نحو المشرق ومن هناك إقبالها ، وذلك أشرف (٦) لها وأكبر لشأنها عند المفتونين (٧) ، وغروبها إدبارها ، وطلوعها بين قرني الشيطان من
__________________
(١) الحديث متفق عليه من طريقين : (الأولى) من رواية أبي هريرة رضياللهعنه ، أخرجها البخاري في الصحيح ١٠ / ٤٤٥ كتاب الأدب (٧٨) ، باب من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يؤذ جاره (٣١) ، الحديث (٦٠١٨) ، وأخرجها مسلم في الصحيح ١ / ٦٨ كتاب الإيمان (١) ، باب الحث على إكرام ... (١٩) ، الحديث (٧٥ / ٤٧) ، و (الثانية) من رواية أبي شريح الكعبي رضياللهعنه أخرجها البخاري في المصدر السابق ، الحديث (٦٠١٩) ، وأخرجها مسلم في الصحيح ٣ / ١٣٥٣ كتاب اللقطة (٣١) ، باب الضيافة ونحوها (٣) ، الحديث (١٤ ـ ١٥ / ٤٨).
(٢) ليست في المطبوعة.
(٣) الحديث متفق عليه من رواية أبي هريرة رضياللهعنه ، أخرجه البخاري في الصحيح ٦ / ٣٥٠ كتاب بدء الخلق (٥٩) ، باب خير مال المسلم ... (١٥) ، الحديث (٣٣٠١) ، وأخرجه مسلم في الصحيح ١ / ٧٢ كتاب الإيمان (١) ، باب تفاضل أهل الإيمان .. (٢١) الحديث (٨٥ / ٥٢).
(٤) في المخطوطة (وأن الهداية منحة الله).
(٥) لفظ الجلالة ليس في المطبوعة.
(٦) عبارة المخطوطة (ومن هناك أشرف لها).
(٧) في المطبوعة (عند المعنيين).