إشعارا ووعدا وبشارة لهم بنعم أخرى واردة عليهم من الشرائع لم تأت بعد ، ولذلك قال يوم الإكمال في حجة الوداع : (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي) (المائدة : ٣).
ومن ذلك حديث الأذان وكيفيته بقوله : «أشهد أن لا إله إلا الله» (١) من قوله : (شَهِدَ اللهُ أَنَّهُ لا إِلهَ إِلاَّ هُوَ وَالْمَلائِكَةُ وَأُولُوا الْعِلْمِ) (آل عمران : ١٨) وتكرارها في قوله : (لا إِلهَ إِلاَّ هُوَ) (آل عمران : ١٨).
وقوله : «أشهد أن محمدا رسول الله» (١) في قوله تعالى : (مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللهِ) (الفتح : ٢٩). (وَما مُحَمَّدٌ إِلاَّ رَسُولٌ) (آل عمران : ١٤٤) مع قوله : (لكِنِ اللهُ يَشْهَدُ بِما أَنْزَلَ إِلَيْكَ أَنْزَلَهُ بِعِلْمِهِ وَالْمَلائِكَةُ يَشْهَدُونَ وَكَفى بِاللهِ شَهِيداً) (النساء : ١٦٦) وتكرار الشهادة للرسول في معنى قوله : (وَكَفى بِاللهِ شَهِيداً) مع قوله تعالى : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللهَ ذِكْراً كَثِيراً) (الأحزاب : ٤١) والتنبيه أول الكثرة ، ولأنها عبارة شرعت للإعلام ، فتكرارها آكد فيما شرعت له.
وأما إسراره بهما ، يعني بالشهادتين ، فمن مفهوم قوله : (وَاذْكُرْ رَبَّكَ فِي نَفْسِكَ تَضَرُّعاً وَخِيفَةً وَدُونَ الْجَهْرِ مِنَ الْقَوْلِ) (الأعراف : ٢٠٥) وأما إجهاره بهما ففي قوله تعالى : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا نُودِيَ لِلصَّلاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ) (الجمعة : ٩) والنداء الإعلام ، ولا يكون إلا بنهاية الجهر.
وقوله : «حيّ على الصلاة» (٢) في قوله (٣) : (وَإِذا نادَيْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ) (المائدة : ٥٨) (إِذا نُودِيَ لِلصَّلاةِ) (الجمعة : ٩).
وقوله : «حي على الفلاح» (٢) في (٣) قوله : (ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) (الحج : ٧٧).
__________________
(١) الحديث من رواية أبي محذورة رضياللهعنه أخرجه مسلم في الصحيح ١ / ٢٨٧ كتاب الصلاة (٤) ، باب صفة الأذان (٣) ، الحديث (٦ / ٣٧٩).
(٢) تقدم تخريج حديث أبي محذورة في الأذان.
(٣) في المخطوطة (من قوله).