إنّك إذا بحثت عن باطنها وقسته على ظاهرها وقفت على معناها. (الثاني) ـ قول أبي عبيد (١) ـ إنّ القصص ظاهرها الإخبار بهلاك الأولين ، وباطنها عظة للآخرين. (الثالث) ـ قول ابن مسعود رضياللهعنه ـ «إنه ما من آية إلا عمل بها قوم ، ولها قوم سيعملون بها» (٢). (الرابع) ـ قاله بعض المتأخرين ـ إن ظاهرها لفظها ، وباطنها تأويلها. وقول أبي عبيد (١) أقربها.
وأما قوله : «ولكل حرف حدّ» ، ففيه تأويلان : (أحدهما) : لكل حرف منتهى فيما أراد الله من معناه. (الثاني) : معناه أن لكل حكم مقدار من الثواب والعقاب.
وأما قوله : «ولكل حدّ مطلع» ففيه قولان : (أحدهما) : لكل غامض من المعاني والأحكام مطلع يتوصل إلى معرفته ، ويوقف على المراد به. (والثاني) : لكل ما يستحقه من الثواب والعقاب [مطّلع] (٣) يطلع عليه في الآخرة ، ويراه عند المجازاة.
وقال بعضهم : منه ما لا يعلم تأويله إلا الله الواحد القهار ، وذلك آجال (٤) حادثة في أوقات آتية ، كوقت قيام الساعة ، والنفخ في الصور ، ونزول عيسى ابن مريم وما أشبه ذلك لقوله : (لا يُجَلِّيها لِوَقْتِها إِلاَّ هُوَ ثَقُلَتْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) (الأعراف : ١٨٧) ومنه ما يعلم تأويله كلّ ذي علم باللسان الذي نزل به القرآن ؛ وذلك إبانة غرائبه ، ومعرفة [١٠٤ / أ] المسميات (٥) بأسمائها اللازمة غير المشتركة منها ، أو الموصوفات بصفاتها الخاصة دون ما سواها ، فإن ذلك لا يجهله أحد منهم ، (٦) وذلك كسامع منهم لو سمع تاليا (٦) يتلو : (وَإِذا قِيلَ لَهُمْ لا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ قالُوا إِنَّما نَحْنُ مُصْلِحُونَ* أَلا إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ وَلكِنْ لا يَشْعُرُونَ) (البقرة : ١١ و ١٢) لم يجهل أنّ معنى الفساد هو ما ينبغي تركه مما هو
__________________
(١) تصحفت في المخطوطة والمطبوعة إلى (أبي عبيدة) والتصويب من الإتقان ٤ / ١٩٦.
(٢) أخرجه أبو عبيد في فضائل القرآن ق ٨ / ب (مخطوطة توبنجن) باب فضل علم القرآن والسعي في طلبه وذكره السيوطي في الإتقان ٤ / ١٩٦ وعزاه لابن أبي حاتم.
(٣) ساقطة من المخطوطة.
(٤) في المخطوطة (آجاله).
(٥) في المخطوطة (المسماة).
(٦) العبارة في المخطوطة (وذلك كسامع منه وذلك ما منع منه من هذا القرآن ما منع منه لو سمع تاليا.