الْغاوِينَ) (الآية : ٤٢) فالاستثناء منقطع لقوله في الإسراء : (إِنَّ عِبادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطانٌ وَكَفى بِرَبِّكَ وَكِيلاً) (الآية : ٦٥) ولو كان متصلا لاستثناهم ، فلمّا لم يستثنهم دلّ على أنهم لم يدخلوا.
وقوله : (وَجَعَلْنا مِنَ الْماءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍ) (الأنبياء : ٣٠) فقد قيل : إن حياة كلّ شيء إنّما هو بالماء ، قال ابن درستويه (١) : وهذا غير جائز في العربية ؛ لأنه لو كان المعنى كذلك لم يكن (حَيٍ) مجرورا ولكان منصوبا ، وإنما (حَيٍ) صفة لشيء. ومعنى الآية : خلق [جميع] (٢) الخلق من الماء ، ويدلّ له قوله في موضع آخر : (وَاللهُ خَلَقَ كُلَّ دَابَّةٍ مِنْ ماءٍ) (٣) (النور : ٤٥).
ومما يحتمل قوله تعالى : (فَاقْذِفِيهِ فِي الْيَمِّ فَلْيُلْقِهِ الْيَمُّ بِالسَّاحِلِ) (طه : ٣٩) فإن (فَلْيُلْقِهِ) يحتمل الأمر والخبر ، كأنه قال : «فاقذفيه في اليم يلقيه اليم» ويحتمل أن يكون أمرا (٤) بإلقائه.
ومنه قوله تعالى : (ذَرْنِي وَمَنْ خَلَقْتُ وَحِيداً) (المدثر : ١١) فإنه يحتمل أن يكون خلقته وحيدا فريدا من ماله وولده. وفي الآية بحث آخر ، وهو أن أبا (٥) البقاء أجاز فيها ، وفي قوله : (وَذَرْنِي وَالْمُكَذِّبِينَ) (المزمل : ١١) [أن] (٦) تكون الواو عاطفة ، وهو فاسد لأنه يلزم منه أن يكون الله قد أمر نبيه صلىاللهعليهوسلم أن يتركه ، وكأنه قال : اتركني واترك من خلقت وحيدا ، وكذلك اتركني واترك المكذّبين ، فيتعين أن يكون المراد : خلّ (٧) بيني وبينهم ، وهي واو «مع» كقوله : «لو تركت الناقة وفصيلها لرضعها».
وقد يكون للفظ ظاهر وباطن ، كقوله تعالى : (أَنْ طَهِّرا بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ) (البقرة :
__________________
(١) تقدم التعريف به في ١ / ٤١٣.
(٢) ساقطة من المطبوعة.
(٣) الآية في المخطوطة (وَاللهُ خَلَقَكُمْ وَما تَعْمَلُونَ) [الصافات : ٩٦].
(٤) في المخطوطة (أمر).
(٥) في المخطوطة (أمر). وهو تصحيف وهو أبو البقاء العكبري ، وقد تقدم التعريف به في ١ / ١٥٩. وانظر قوله في كتابه إملاء ما منّ به الرحمن ص ١٤٦.
(٦) ساقطة من المخطوطة.
(٧) في المخطوطة (دخل).