يقتضي إما طلب الجميع بالنفير ، أو إباحته ؛ وذلك في ظاهره يخالف النهي عن نفر الجميع ، وإذا تعارض محملان (١) يلزم من أحدهما معارضته ولا يلزم من الآخر ، فالثاني أولى (٢).
[ولا] (٣) نعني بلزوم التعارض لزوما لا يجاب (٤) عنه ، ولا يتخرّج على وجه مقبول ؛ بل [ما] (٣) هو أعمّ من ذلك ؛ فإنّ ما أشرنا إليه من الآيتين يجاب عنه (٥) بحمل (أَوِ) في قوله : (أَوِ انْفِرُوا جَمِيعاً) (النساء : ٧١) على التفصيل دون التخيير ، كما رضيه (٦) بعض المتأخرين من النحاة ، فيكون نفيرهم (ثُباتٍ) مما لا تدعو الحاجة إلى نفيرهم فيه (جَمِيعاً) ونفيرهم (جَمِيعاً) فيما تدعو الحاجة إليه ، ويحمل قوله : (ما كانَ لِأَهْلِ الْمَدِينَةِ وَمَنْ حَوْلَهُمْ مِنَ الْأَعْرابِ أَنْ يَتَخَلَّفُوا عَنْ رَسُولِ اللهِ) (التوبة : ١٢٠) على ما إذا كان الرسول هو النافر للجهاد ولم تحصل الكفاية [١١٠ / أ] إلا بنفير الجميع ممّن يصلح للجهاد ، فهذا أولى من قول من يقول بالنسخ أو أن تكون هذه الآية ناسخة لما اقتضى النفير جميعا.
ومن المفسرين من يقول : إن منع النفير جميعا حيث يكون رسول الله صلىاللهعليهوسلم بالمدينة ، فليس لهم أن ينفروا جميعا ويتركوه وحده. والحمل أيضا على هذا التفسير الذي ذكرناه أولى من هذا ؛ لأن اللفظ يقتضي أن نفيرهم للتفقه في الدين والإنذار ، ونفيرهم مع بقاء رسول الله صلىاللهعليهوسلم [بعدهم] (٧) لا يناسبه التعليل بالتفقه في الدين ؛ إذ التفقه منه صلىاللهعليهوسلم وتعلّم الشرائع من جهته ، فكيف يكون خروجهم عليه معلّلا للتفقه في الدين.
ومنه قوله تعالى : (فَاتَّقُوا اللهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ) (التغابن : ١٦) فإنه يحتمل أن يكون من باب التسهيل والتخفيف ، ويحتمل أن يكون من باب التشديد ؛ بمعنى أنه (٨) ما وجدت الاستطاعة (فَاتَّقُوا) أي لا تبقى من الاستطاعة شيء. وبمعنى (٩) التخفيف يرجع إلى أن المعنى : (فَاتَّقُوا اللهَ) ما تيسر عليكم ، أو ما أمكنكم من غير عسر. قال الشيخ تقي الدين
__________________
(١) في المخطوطة (مجملان).
(٢) في المخطوطة (الأولى).
(٣) ساقطة من المخطوطة.
(٤) في المخطوطة (يجب).
(٥) في المخطوطة (عنهم).
(٦) في المخطوطة (وصفه).
(٧) ساقطة من المخطوطة.
(٨) في المخطوطة (أينما).
(٩) في المخطوطة (فتعين).