أشياء فأجابهم عن المحرمات من تلك الأشياء ، وحكاه غير سعيد بن جبير.
(السابع) : السلامة من التدافع ، كقوله تعالى : (وَما كانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً فَلَوْ لا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ) (التوبة : ١٢٢) فإنه يحتمل أن الطوائف لا تنفر من أماكنها وبواديها جملة ، بل بعضهم لتحصيل التفقّه بوفودهم على رسول الله صلىاللهعليهوسلم وإذا رجعوا إلى قومهم أعلموهم بما حصل لهم. والفائدة في كونهم لا ينفرون جميعا عن بلادهم حصول المصلحة في حفظ (١) من يتخلف من بعضهم ممّن لا يمكن نفيره (٢).
ويحتمل أن يكون المراد بالفئة النافرة هي من تسير مع رسول الله صلىاللهعليهوسلم في مغازيه وسراياه ؛ والمعنى حينئذ (٣) : أنه ما كان لهم أن ينفروا أجمعين مع رسول الله صلىاللهعليهوسلم في مغازيه لتحصيل (٤) المصالح المتعلقة ببقاء من يبقى في المدينة ، والفئة (٥) النافرة مع رسول الله صلىاللهعليهوسلم تتفقه في الدين بسبب ما يؤمرون به ويسمعون منه (٦) ؛ فإذا رجعوا إلى من بقي بالمدينة (٧) أعلموهم بما حصل لهم في صحبة الرسول صلىاللهعليهوسلم من العلم. والاحتمالان قولان للمفسرين.
قال الشيخ تقي الدين ابن دقيق العيد (٨) : والأقرب عندي هو الاحتمال الأول : لأنا لو حملناه على [الاحتمال] (٩) الثاني لخالفه ظاهر قوله تعالى : (ما كانَ لِأَهْلِ الْمَدِينَةِ وَمَنْ حَوْلَهُمْ مِنَ الْأَعْرابِ أَنْ يَتَخَلَّفُوا عَنْ رَسُولِ اللهِ وَلا يَرْغَبُوا بِأَنْفُسِهِمْ عَنْ نَفْسِهِ) (التوبة : ١٢٠). وقوله تعالى (١٠) : (فَانْفِرُوا ثُباتٍ أَوِ انْفِرُوا جَمِيعاً) (النساء : ٧١) فإن ذلك
__________________
(١) تصحفت في المخطوطة إلى (خفض).
(٢) في المخطوطة (غيرهم).
(٣) في المخطوطة (ح) ، ويرمز بها عند النسّاخ اختصارا لحينئذ.
(٤) في المخطوطة (لتحصل).
(٥) في المخطوطة (فيأتوا).
(٦) في المخطوطة (منهم).
(٧) في المخطوطة (من المدينة).
(٨) هو محمد بن علي بن وهب المنفلوطي المصري المالكي ثم الشافعي المعروف بابن دقيق العيد كان إماما متفننا فقيها أصوليا وافر العقل تام الورع وله اليد الطولى في الفروع والأصول وبصير بعلم المنقول والمعقول قرأ مذهب مالك ثم مذهب الشافعي ودرس بالفاضلية فيهما. من مصنفاته «الاقتراح» في علوم الحديث «وشرح مقدمة المطرزي» في أصول الفقه وغيرهما. ت ٧٠٢ ه (الدرر الكامنة ٤ / ٩١).
(٩) ساقطة من المخطوطة.
(١٠) في المخطوطة (وقال) بدل (وقوله تعالى).