الجسد. ومنه : (وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ ناضِرَةٌ) (القيامة : ٢٢) فالوجه المراد به جميع ما تقع به المواجهة لا الوجه وحده.
وقد اختلف في تأويل «الوجه» الذي جاء مضافا إلى الله في مواضع من القرآن ، فنقل ابن عطية عن الحذاق أنه راجع إلى الوجود ، والعبارة عنه بالوجه مجاز ؛ إذ هو (١) أظهر الأعضاء في المشاهدة وأجلّها قدرا. وقيل [وهو الصواب] (٢) : هي صفة ثابتة بالسمع ، زائدة على ما توجبه العقول من صفات الله تعالى ، وضعّفه إمام الحرمين. وأما قوله تعالى : (فَثَمَّ وَجْهُ اللهِ) (البقرة : ١١٥) فالمراد الجهة التي وجّهنا إليها في القبلة.
وقيل : المراد به الجاه ، أي فثمّ جلال الله وعظمته.
وقوله : (فَبِما كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ) (٣) (الشورى : ٣٠) (وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ) (البقرة : ١٩٥) تجوّز بذلك عن الجملة. وقوله : (وَاضْرِبُوا مِنْهُمْ كُلَّ بَنانٍ) (الأنفال : ١٢) البنان الإصبع ؛ تجوّز بها عن الأيدي والأرجل ، عكس قوله تعالى : (يَجْعَلُونَ أَصابِعَهُمْ) (البقرة : ١٩). وقوله : (فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ) (المجادلة : ٣). وقوله (سَنَسِمُهُ عَلَى الْخُرْطُومِ) (القلم : ١٦) عبّر بالأنف عن الوجه. (لَأَخَذْنا مِنْهُ بِالْيَمِينِ) (الحاقة : ٤٥).
وكقوله تعالى : (فَإِنَّهُ آثِمٌ قَلْبُهُ) (البقرة : ٢٨٣) أضاف الإثم إلى القلب (٤) [وإن كانت الجملة كلها آثمة ؛ من حيث كان محلا لاعتقاد الإثم والبرّ كما نسبت الكتابة إلى اليد من حيث إنها تفعل بها في قوله تعالى : (مِمَّا كَتَبَتْ أَيْدِيهِمْ) (البقرة : ٧٩] (٤) وإن كانت الجملة كلها كاتبة ولهذا قال : (وَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا يَكْسِبُونَ) (البقرة : ٧٩). وكذا قوله (لا تُدْرِكُهُ الْأَبْصارُ) (الأنعام : ١٠٣) وقيل : المعنى على حذف المضاف ؛ لأنّ المدرك هو الجملة دون الحاسّة ، فأسند الإدراك إلى الأبصار ، لأنه بها يكون. وكقوله تعالى : (وَيُحَذِّرُكُمُ اللهُ نَفْسَهُ) (آل عمران : ٢٨) أي إياه. (تَعْلَمُ ما فِي نَفْسِي) (المائدة : ١١٦).
وجعل منه بعضهم قوله تعالى : (قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصارِهِمْ) (النور : ٣٠)
__________________
(١) في المخطوطة (وهو) بدون (إذ).
(٢) ساقطة من المخطوطة.
(٣) تصحفت الآية في المخطوطة إلى (بما كسبت يداك).
(٤) ما بين الحاصرتين ساقط من المخطوطة.