يستلزم اتحاد أفعالهما. قيل : ليس المراد بالمثل هنا المصطلح عليه في العلوم العقلية ، بل المراد من هو مثل حاله في الصفات المناسبة لما سيق الكلام له ، وليس المراد من هو مثل في كل شيء لأن لفظة «مثل» لا تستدعي المشابهة من كل وجه.
وقال الكواشيّ (١) : يجوز أن يقال : إن الكاف و «مثل» ليسا زائدتين ، بل يكون التمثيل هنا على سبيل الفرض ، كقوله : (لَوْ كانَ فِيهِما آلِهَةٌ إِلاَّ اللهُ لَفَسَدَتا) (الأنبياء : ٢٢) وتقدير الكلام : لو فرضنا له مثلا لامتنع أن يشبه ذلك المثل المفروض شيء [١٢١ / أ] ؛ وهذا أبلغ في نفي المماثلة.
وأما قوله تعالى : (فَإِنْ آمَنُوا بِمِثْلِ ما آمَنْتُمْ بِهِ فَقَدِ اهْتَدَوْا) (البقرة : ١٣٧) فقيل : إنّ «ما» فيه مصدرية. وهذا فيه نظر (٢) ، لأن «ما» لو كانت مصدرية لم يعد إليها من الصلة (٣) ضمير ، وهو الهاء (٤) في (بِهِ) لأن الضمير لا يعود على الحروف ، ولا يعتبر اسما إلا بالصلة ، والاسم لا يعود عليه [ضمير] (٥) ما هو صفته ؛ إذ لا يحتاج في ذلك إلى ربط. وجوابه أن تكون «ما» موصولة ، صلتها (آمَنْتُمْ بِهِ) (البقرة : ١٣٧) وقيل : مزيدة ، والتقدير : فإن آمنوا بالذي آمنتم به ، أي بالله وملائكته وكتبه ورسله وجميع ما جاء (٦) به الأنبياء. وقيل : إن «مثلا» صفة لمحذوف تقديره : فإن آمنوا بشيء مثل ما آمنتم به. وفيه نظر ، لأن ما آمنوا به ليس له مثل حتى يؤمنوا بذلك المثل.
وحكى الواحديّ (٧) عن أكثر المفسرين في قوله تعالى : (فَأَيْنَما تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللهِ) (البقرة : ١١٥) أن «الوجه» صلة ، والمعنى : فثمّ الله يعلم ويرى ، قال : والوجه قد ورد صلة مع اسم الله كثيرا ، كقوله : (وَيَبْقى وَجْهُ رَبِّكَ) (الرحمن : ٢٧) (إِنَّما نُطْعِمُكُمْ
__________________
(١) هو أحمد بن يوسف بن حسن بن رافع الكواشي تقدم في ١ / ٢٧٢.
(٢) عبارة المخطوطة (وفيه أيضا نظر) بدون (وهذا).
(٣) في المخطوطة (الضمائر).
(٤) تصحفت في المخطوطة إلى (العاني) بدل (الهاء في).
(٥) ساقطة من المطبوعة.
(٦) في المخطوطة (تجيء).
(٧) هو علي بن أحمد الواحدي ، تقدم التعريف به في ١ / ١٠٥.