* (ثانيها) : فطنة المخاطب ، كقوله تعالى في قصة داود : (خَصْمانِ بَغى بَعْضُنا عَلى بَعْضٍ) (ص : ٢٢) فكنى داود بخصم على لسان ملكين تعريضا. وقوله في قصة النبي [محمد] (١) صلىاللهعليهوسلم وزيد : (ما كانَ مُحَمَّدٌ أَبا أَحَدٍ مِنْ رِجالِكُمْ) (الأحزاب : ٤٠) أي زيد (وَلكِنْ رَسُولَ اللهِ) (الأحزاب : ٤٠). وقوله تعالى : (فَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجارَةُ) (البقرة : ٢٤) فإنه كناية عن ألاّ (٢) تعاندوا عند ظهور المعجزة (٣) فتمسّكم هذه النار العظيمة.
وكذا قوله تعالى : (وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنا عَلى عَبْدِنا فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ) (البقرة : ٢٣). وقوله تعالى : (إِنَّا جَعَلْنا فِي أَعْناقِهِمْ أَغْلالاً ...) الآيات (يس : ٨) ، فإن هذه تسلية للنبي صلىاللهعليهوسلم. والمعنى : لا تظن أنك مقصّر في إنذارهم ؛ فإنا نحن المانعون لهم من الإيمان (٤) ؛ فقد جعلناهم حطبا للنار ؛ لنقوّي (٥) التذاذ المؤمن بالنعيم ، كما لا تتبين لذة الصحيح إلا عند رؤية المريض.
* (ثالثها) : ترك اللفظ [إلى] (٦) ما هو أجمل منه ؛ كقوله تعالى : (إِنَّ هذا أَخِي لَهُ تِسْعٌ وَتِسْعُونَ نَعْجَةً وَلِيَ نَعْجَةٌ واحِدَةٌ) (ص : ٢٣) فكنى بالمرأة عن النعجة كعادة العرب ، أنها تكني بها عن المرأة. وقوله : (إِلاَّ مُتَحَرِّفاً لِقِتالٍ أَوْ مُتَحَيِّزاً إِلى فِئَةٍ) (الأنفال : ١٦) كنى بالتحيز عن الهزيمة.
وقوله [تعالى] (٧) (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بَعْدَ إِيمانِهِمْ ثُمَّ ازْدادُوا كُفْراً لَنْ تُقْبَلَ تَوْبَتُهُمْ) (آل عمران : ٩٠) كنى بنفي قبول التوبة عن الموت على الكفر ؛ لأنه يرادفه (٨).
* (رابعها) : أن يفحش ذكره في السمع ، فيكنى عنه بما لا ينبو عنه الطبع ؛ قال تعالى : (وَإِذا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِراماً) (الفرقان : ٧٢) أي كنوا عن لفظه (٩) ، ولم يوردوه على صيغته. ومنه قوله تعالى في جواب قوم هود : (إِنَّا لَنَراكَ فِي سَفاهَةٍ) (الأعراف :
__________________
(١) اضطربت عبارة المخطوطة كما يلي (النبي صلىاللهعليهوسلم محمد صلىاللهعليهوسلم).
(٢) في المخطوطة (لا).
(٣) في المخطوطة (العجز).
(٤) في المخطوطة (الآيات).
(٥) في المطبوعة (ليقوي).
(٦) ساقطة من المطبوعة.
(٧) ليست في المخطوطة.
(٨) تصحفت في المطبوعة إلى (يردانه).
(٩) في المخطوطة (لفظ).