وعلى هذا يحمل قول من لم ير من المفسرين حمل الخطاب على غيره ؛ إذ لا يلزم من فرض أمر ـ لا (١) بدّ منه ـ صحة (١) وقوعه ؛ بل يكون في الممكن والواجب والمحال.
[١٢٦ / ب] ومنه قوله تعالى : (قُلْ إِنْ كانَ لِلرَّحْمنِ وَلَدٌ فَأَنَا أَوَّلُ الْعابِدِينَ) (الزخرف : ٨١) إذا جعلت شرطية لا نافية. ومنه : (إِنْ كُنَّا فاعِلِينَ) (الأنبياء : ١٧).
ومنه قوله تعالى : (وَما لِيَ لا أَعْبُدُ الَّذِي فَطَرَنِي) (يس : ٢٢) المراد : ما لكم لا تعبدون ، بدليل قوله : (وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ) (يس : ٢٢) ولو لا التعريض لكان المناسب «وإليه أرجع». وكذا قوله [تعالى] (٢) (أَأَتَّخِذُ مِنْ دُونِهِ آلِهَةً) (يس : ٢٣) (٣) [والمراد : أتتخذون من دونه آلهة] (٣) (إِنْ يُرِدْنِ الرَّحْمنُ بِضُرٍّ لا تُغْنِ عَنِّي شَفاعَتُهُمْ شَيْئاً وَلا يُنْقِذُونِ* إِنِّي إِذاً لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ) ولذلك (٤) قيل (آمَنْتُ بِرَبِّكُمْ [فَاسْمَعُونِ]) (٥) (يس : ٢٥) دون «ربي» و «أتبعه» «فاسمعوه» (٦).
ووجه حسنه ظاهر ، لأنه يتضمن إعلام السامع على صورة لا تقتضي مواجهته بالخطاب المنكر ، كأنك لم تعنه ، وهو أعلى في محاسن الأخلاق وأقرب للقبول ، وأدعى للتواضع والكلام ممن هو رب العالمين نزّله بلغتهم ، وتعليما للذين يعقلون. قيل : ومنه قوله تعالى : (قُلْ لا تُسْئَلُونَ عَمَّا أَجْرَمْنا وَلا نُسْئَلُ عَمَّا تَعْمَلُونَ) (سبأ : ٢٥) فحصل (٧) المقصود في قالب التلطّف ، وكان حق الحال من حيث الظاهر ، لولاه أن يقال : «لا تسألون عما عملنا ولا نسأل عما تجرمون».
وكذا مثله : (وَإِنَّا أَوْ إِيَّاكُمْ لَعَلى هُدىً أَوْ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ) (سبأ : ٢٤) حيث ردّد الضلال بينهم وبين نفسهم ، والمراد : إنا على هدى وأنتم في ضلال ، وإنما لم يصرّح به لئلا تصير هنا نكتة ، هو (٨) أنه خولف في هذا الخطاب بين (٩) «على» و «في» بدخول (١٠) «على» على
__________________
(١) اضطربت عبارة المخطوطة كالتالي (الابداء اللازمة فيتجه).
(٢) ليست في المطبوعة.
(٣) ما بين الحاصرتين ساقط من المخطوطة.
(٤) في المخطوطة (وكذلك).
(٥) ليست في المخطوطة.
(٦) في المخطوطة (فاسمعون).
(٧) في المخطوطة (فوصل).
(٨) في المخطوطة (وهو).
(٩) عبارة المخطوطة (الخطابين).
(١٠) في المخطوطة (الدخول).