وكان القياس (١) تأخيرها عن العاطف ، فيقال : «فألم أكرمك؟» ، «وأ لم (٢) أحسن إليك؟» كما تقدّم على سائر أدوات الاستفهام ، نحو قوله تعالى : (وَكَيْفَ تَكْفُرُونَ وَأَنْتُمْ تُتْلى عَلَيْكُمْ آياتُ اللهِ وَفِيكُمْ رَسُولُهُ) (آل عمران : ١٠١) وقوله تعالى : (أَمْ هَلْ تَسْتَوِي الظُّلُماتُ وَالنُّورُ) (الرعد : ١٦) وقوله [تعالى] (٣) : (فَأَيْنَ تَذْهَبُونَ) (التكوير : ٢٦) فلا يجوز أن يؤخر العاطف عن شيء من هذه الأدوات ، لأن أدوات الاستفهام جزء من جملة الاستفهام ، والعاطف لا يقدم (٤) عليه جزء من المعطوف ، وإنما خولف هذا في الهمزة ، لأنها أصل أدوات الاستفهام ، فأرادوا تقديمها تنبيها على أنها الأصل في الاستفهام ، لأن الاستفهام له صدر الكلام.
والزمخشريّ اضطرب كلامه ، فتارة يجعل الهمزة في مثل هذا داخلة على محذوف عطف عليه الجملة التي بعدها ، فيقدر بينهما فعلا محذوفا تعطف الفاء عليه ما بعدها ، وتارة يجعلها متقدمة على العاطف كما ذكرناه ، وهو الأولى. وقد ردّ عليه في الأول بأن ثمّ مواضع (٥) لا يمكن فيها تقدير فعل قبلها ، كقوله تعالى : (أَوَمَنْ يُنَشَّؤُا فِي الْحِلْيَةِ) (الزخرف : ١٨) (أَفَمَنْ يَعْلَمُ أَنَّما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ [الْحَقُ]) (٦) (الرعد : ١٩) (أَفَمَنْ هُوَ قائِمٌ) (الرعد : ٣٣).
وقال ابن خطيب زملكا (٧) : «الأوجه (٨) أن يقدّر محذوف بعد الهمزة قبل [الفاء
__________________
(١) تصحفت في المخطوطة إلى (القاس).
(٢) في المخطوطة (أو لم).
(٣) ليست في المخطوطة.
(٤) في المخطوطة (يتقدم).
(٥) في المخطوطة (واقع).
(٦) ليست في المخطوطة.
(٧) في المخطوطة (زملكى) ، وهو عبد الواحد بن عبد الكريم بن خلف الشيخ كمال الدين أبو المكارم ابن خطيب زملكا قال أبو شامة رحمهالله : «كان عالما خيّرا متميّزا في علوم عدّة ولي القضاء بصرخد ودرّس ببعلبك» وهو جدّ الشيخ كمال الدين محمد بن علي بن عبد الواحد الزملكاني ، وكانت له معرفة تامة بالمعاني والبيان وله فيه مصنف ، وله شعر حسن ت ٦٥١ ه بدمشق (السبكي ، طبقات الشافعية ٥ / ١٣٣).
(٨) في المخطوطة (لا وجه).