قول المبرّد (١) ، واختاره ابن خروف (٢) ، وزعم أنه مذهب سيبويه ، وكذا قال ابن يعيش (٣) ، ونازعه ابن عصفور.
(والثالث) : أنها منصوبة بتلك الأفعال الظاهرة ، وإن لم تكن جارية عليها.
(والرابع) : التفصيل بين أن يكون معنى الفعل غير معبّر بمعنى مصدر (٤) ذلك الفعل الظاهر فهو منصوب بفعل مضمر ، يدلّ عليه ذلك الفعل الظاهر ، كقوله تعالى : (وَاللهُ أَنْبَتَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ نَباتاً) (نوح : ١٧) أي ونبتّم ، أي وساغ (٥) إضماره لأنهم إذا أنبتوا فقد نبتوا ، ولا يجوز في غير ذلك أن ينصب بالظاهر ، لأن الغرض من المصدر تأكيد الفعل الذي نصبه ، أو تبيين (٦) معناه. وإذا كان المصدر مغايرا لمعنى الفعل الظاهر لم يحصل بذلك الغرض المقصود ؛ لأن «النبات» ليس بمعنى «الإنبات» ، وإذا لم يكن بمعناه فكيف يؤكده أو يبينه! وأما قوله تعالى : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا تَدايَنْتُمْ بِدَيْنٍ) (البقرة : ٢٨٢) فإنما ذكر قوله : (بِدَيْنٍ) مع (تَدايَنْتُمْ) يدلّ عليه لوجوه :
(أحدها) : ليعود الضمير في [(فَاكْتُبُوهُ) عليه] (٧) إذ لو لم يذكره لقال : «فاكتبوا
__________________
(١) هو أبو العباس محمد بن يزيد المبرّد ، وانظر قوله في المقتضب ٣ / ٢٠٤ ، باب ما جرى مجرى الفعل وليس بفعل ولا مصدر.
(٢) هو علي بن محمد بن علي بن محمد الحضرمي ، أبو الحسن المشهور بابن خروف النحوي ـ وهو غير ابن خروف الشاعر علي بن محمد بن يوسف (ت ٦٠٤ ه) الذي يشترك معه باسمه وكنيته ، وبلده وعصره وقد وهم ياقوت في معجم الأدباء فجعلهما واحدا وميّز بينهما ابن خلكان أما صاحبنا فكان عالما بالعربية من أهل إشبيلية ، وينتسب لحضرموت ، ولعل أصله منها ، قال ابن الساعي : كان ينتقل في البلاد ولم يتزوج قط ، له مصنّفات في النحو شهدت بفضله وسعة علمه منها : «شرح كتاب سيبويه» و «شرح الجمل» ت ٦٠٩ ه (معجم الأدباء ١٥ / ٧٥ ، ووفيات الأعيان ٣ / ٣٣٥).
(٣) هو يعيش بن علي بن يعيش بن أبي السرايا محمد بن علي بن المفضل موفق الدين الأندلسي الأصل الموصلي ثم الحلبي المولد والمنشأ : سمع بالموصل وحلب ودمشق ، كان خطيب الموصل الماهر ، وصناعته التصريف. له تصانيف مشهورة منها «شرح المفصل» و «شرح الملوكي» لابن جني. ت ٦٤٣ ه (الفيروزآبادي ، البلغة : ٢٤٣).
(٤) في المخطوطة (مصدره).
(٥) تصحفت في المخطوطة إلى (وضاع).
(٦) تصحفت في المخطوطة إلى (ينبت).
(٧) ليست في المخطوطة.