الإنجيل مثل أمّ القرآن» (١) : إنّ الله لا يعطي لقارئ التوراة والإنجيل من الثواب مثل ما يعطي (٢) لقارئ أمّ القرآن إذ الله بفضله فضّل هذه الأمّة (٢) على غيرها من الأمم ، وأعطاها من الفضل على قراءة كلامه (٣) [أكثر مما أعطى غيرها من الفضل على قراءة كلامه] (٣) ـ قال ـ وقوله : «أعظم سورة» (٤) أراد به في الأجر ، لا أن بعض القرآن أفضل من بعض (٥).
وقال قوم (٦) بالتفضيل لظواهر الأحاديث ، ثم اختلفوا فقال بعضهم : الفضل راجع إلى عظم الأجر ومضاعفة الثواب (٧) بحسب انفعالات النفس وخشيتها وتدبرها وتفكرها عند ورود أوصاف العلا ، وقيل بل يرجع لذات اللفظ ، وأنّ ما تضمنه قوله تعالى : (وَإِلهُكُمْ إِلهٌ واحِدٌ لا إِلهَ إِلاَّ هُوَ الرَّحْمنُ الرَّحِيمُ) (البقرة : ١٦٣) ، وآية الكرسيّ ، وآخر سورة الحشر ، وسورة الإخلاص من الدّلالات على وحدانيته وصفاته ، ليس موجودا مثلا في (تَبَّتْ يَدا أَبِي لَهَبٍ) (اللهب : ١) وما كان مثلها فالتفضيل إنما هو بالمعاني العجيبة وكثرتها ؛ لا من حيث الصفة ، وهذا هو الحق.
__________________
(١) الحديث أخرجه أحمد في المسند ٢ / ٣٥٧ ، وأخرجه الترمذي في السنن ٥ / ١٥٥ ـ ١٥٦ كتاب فضائل القرآن (٤٦) باب ما جاء في فضل فاتحة الكتاب (١) ، الحديث (٢٨٧٥) ، وأخرجه النسائي في المجتبى من السنن ٢ / ١٣٩ كتاب الافتتاح (١١) باب تأويل قول الله عزوجل (وَلَقَدْ آتَيْناكَ سَبْعاً مِنَ الْمَثانِي وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ) (٢٦) ، الحديث (٩١٤) ، وأخرجه ابن حبان في الإحسان بترتيب صحيح ابن حبان ٢ / ٧٥ باب قراءة القرآن ذكر البيان بأن فاتحة الكتاب مقسومة بين القارئ وبين ربه ، الحديث (٧٧٢) ، وأخرجه الحاكم في المستدرك ٢ / ٢٥٨ كتاب التفسير باب ذكر فضيلة سورة الفاتحة ... ، وقال (صحيح على شرط مسلم) وافقه الذهبي.
(٢) عبارة المخطوطة (لقارئ أم الكتاب ، إذ الله فضّل هذه الأمة) وما أثبتناه موافق لكلام ابن حبان.
(٣) ما بين الحاصرتين ساقط من المخطوطة ، وإلى هنا ينتهي كلام ابن حبان في الإحسان ٢ / ٧٥ ثم ينتقل لحديث آخر.
(٤) شطرة من حديث سيأتي بعد قليل.
(٥) الإحسان ٢ / ٧٧ عقب الحديث (٧٧٤).
(٦) قال القرطبي في التذكار في أفضل الأذكار ص ٣٢ الباب السادس فيما جاء من تفضيل القرآن بعضه على بعض (وممن قال بالتفضيل إسحاق بن راهويه وغيره من العلماء والمتكلمين وهو اختيار الحليمي ، والقاضي أبي بكر بن العربي وابن الحصار وغيرهم) وذكره ابن تيمية في جواب أهل العلم والإيمان ص ٦٧ فقال : (وممن ذكر تفضيل بعض القرآن على بعض في نفسه أصحاب الشافعي وأحمد ، وغيرها كالشيخ أبي حامد الإسفرايني والقاضي أبي الطيب ، وأبي إسحاق الشيرازي وغيرهم ، ومثل القاضي أبي يعلى ، والحلواني الكبير ، وابنه عبد الرحمن ، وابن عقيل).
(٧) في المخطوطة (ومضاعفة الأفعال).