العدد لما أخبرته عن الجدّ ، فقال : يمكن أن تعدّ ما في الآية من الأسماء المشتقة كلّ واحدة منها باثنين ، لأن كلّ واحد منها يحمل ضميرا ضرورة كونه مشتقا وذلك الضمير إنما يعود إلى الله وهو باعتبار ظهورها اسم ، وقد اشتملت على آخر مضمر (١) ، فتكون جملة العدد على هذا أحدا وعشرين اسما فأجريت معه وجها لطيفا ، وهو أن الاسم المشتق لا يحتمل الضمير بعد صيرورته بالتسمية علما على الأصح ، وهذه الصفات كلّها أسماء [الله تعالى] (٢) ثم ولو فرضناها محتملة للضمائر بعد التسمية على سبيل التنزل ، فالمشتق إنما يقع على موصوفه باعتبار تحمله ضميره ، ألا تراك إذا قلت : زيد كريم ، وجدت (كريما) ، إنما يقع على «زيد» لأن فيه ضميره ؛ حتى لو جردت النظر إليه لم تجده مختصا بزيد ، بل لك أن توقعه على كل موصوف بالكرم من الناس ، ولا تجده مختصا بزيد إلا باعتبار اشتماله على ضميره فليس المشتقّ إذا مستقلا بوقوعه على موصوفه إلا بضميمة الضمير إليه ، فلا يمكن أن يحل له حكم الانفراد عن الضمير مع الحكم برجوعه إلى معيّن البتة. قال : فرضي عن هذا البحث وصوّبه.
وقال الغزاليّ [٦٧ / أ] في قوله صلىاللهعليهوسلم : «إن لكلّ شيء قلبا ، وقلب القرآن يس» (٣) : إن ذلك لأنّ الإيمان صحته بالاعتراف بالحشر والنشر ، وهو مقرّر في هذه السورة بأبلغ وجه ، فجعلت قلب القرآن لذلك ، واستحسنه فخر الدين الرازي (٤). قال الجوينيّ : «سمعته يترحم عليه بسبب هذا الكلام» (٤).
وقال عبد الله بن مسعود رضياللهعنه : «آل حم ديباج القرآن» (٥). وقال ابن عباس : «لكل شيء لباب ولباب القرآن [آل] (٦) حم ـ أو قال : الحواميم» (٥). وقال مسعر بن كدام : «كان يقال لهنّ العرائس» (٥). روى ذلك كله أبو عبيد في كتاب «فضائل القرآن».
__________________
العلامة المفسر المحدّث النحوي ذو الفنون مولده بمرسية سنة ٥٧٠ وهو من الأئمة الفضلاء في جميع فنون العلم وله تصانيف عدة ونظم ونثر ، ت ٦٥٥ ه (ياقوت معجم الأدباء ١٨ / ٢٠٩)
(١) تصحفت في المخطوطة إلى (على أخر مضمونة).
(٢) ليست في المخطوطة.
(٣) الحديث من طريق أنس رضياللهعنه ، أخرجه الدارمي في السنن ٢ / ٤٥٦ كتاب فضائل القرآن باب في فضل يس ، والترمذي في السنن ٥ / ١٦٢ كتاب فضائل القرآن (٤٦) ، باب ما جاء في فضل يس (٧) ، الحديث (٢٨٨٧).
(٤) التفسير الكبير ٢٦ / ١١٣ آخر تفسير سورة يس ، وأعقبه قول الجويني دون التصريح باسمه.
(٥) تقدم تخريج الحديث في ١ / ٣٤٦.
(٦) ليست في المخطوطة.