أو يراد بها أن من أجل تعاليمكم العالية
ضحّى النّاس بأنفسهم لأنّهم رجّحوا السيوف الصّارمة على الحياة في الذّل والفرار
من العدو ، وكانت مدرستكم مدرسة الشّجعان والاباة والشهامة ، ومن تخرج من مدرستهم
نزع عن نفسه ثوب الذلة وحصل على وسام الحرية لأنّهم عليهمالسلام
سادة الأباة والحميّة ، كما إشار الى هذا المعنى ابن أبي الحديد في شرح نهج
البلاغة عندما تطرق الى الاُباة الذين لم يقبلوا الظّلم والذّل وامتنعوا عن
الرّضوخ فقال :
«سيّد
أهل الأباء الذي علّم النّاس الحميّة والموت تحت ظلال السّيوف اختياراً له على
الدّنية هو أبو عبد الله الحسين بن علي بن أبي طالب الذي عرض عليه الامان وأصحابه
فأنف من الذّل وقال : ألا وأن الدّعي ابن الدّعي قد ركز بين اثنتين بين السّلة
والذّلة وهيهات منّا الذّلة يأبى اللهُ ذلك لنا ورسوله والمؤمنون وحجور طابت وطهرت
وأنوف حميّة ونفوس أبية من أن تؤثر طاعة اللئام على مصارع الكرام»
.
(وَفَرَّجَ عَنَّا
غَمْرَاتِ الكُرُوب)
أي بكم فرج الله عنّا شدائد الغصص
وتراكم الهموم والاحزان ، ورفع عنّا مزدحمات الكفر والظلم والجهل والحيرة وعذاب
الدنيا والآخرة ، أو المراد منها غمرات وسكرات الموت وهو إشارة الى الآية الشّريفة
:
(وَلَوْ تَرَىٰ
إِذِ الظَّالِمُونَ فِي غَمَرَاتِ الْمَوْتِ وَالْمَلَائِكَةُ بَاسِطُو
أَيْدِيهِمْ أَخْرِجُوا أَنفُسَكُمُ الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذَابَ الْهُونِ بِمَا
كُنتُمْ تَقُولُونَ عَلَى اللَّـهِ غَيْرَ الْحَقِّ وَكُنتُمْ عَنْ آيَاتِهِ
تَسْتَكْبِرُونَ)
.
__________________