الأماني وغطّت على عقله الآمال ، والله لقد بقيت في داري أروم الاجتماع بجارية مهينة قدر سنة فما قدرت على ذلك ، ومنعتني منها زوجتي ، فكيف أطلب ما دونه قطع الرءوس ونهب النفوس؟ فضحك ابن مردنيش ، وجدّد له الإحسان ، وجهّزه إلى بلده ، وأمر عمّاله أن يشاركوه في التدبير ، ويستأذنوه في الصغير والكبير ، فتأثّل (١) به مجده ، وعظم سعده.
ومن شعره قوله : [السريع]
انظر إلى الروض سحيرا وقد |
|
بثّ به الطّلّ علينا العيون |
يرقب منّا يقظة للمنى |
|
فقل لها أهلا بداعي المجون (٢) |
وحثّها شمسا إلى أن ترى |
|
شمس الضحى تطرق تلك الجفون |
وقوله : [الطويل]
تنبّه لمعشوق وكأس وقينة |
|
وروض ونهر ليس يبرح خفّاقا |
فقد نبّهت هذي الحدائق ورقها |
|
وفتّح فيها الصبح بالطّلّ أحداقا |
ومهما تكن في ضيقة فأدر لها |
|
كؤوس الطّلا فالسّكر يوسع ما ضاقا (٣) |
وقوله : [الكامل]
عطف القضيب مع النسيم تميّلا |
|
والنهر موشيّ الخمائل والحلى |
تركته أعطاف الغصون مظلّلا |
|
ولنا عن النهج القويم مضلّلا |
أمسى يغازلنا بمقلة أشهل |
|
والطرف أسحر ما تراه أشهلا (٤) |
وقال بعضهم : استدعاني أبو الحسن بن نزار لمجلس أنس بوادي آش ، فلمّا احتفل مجلسنا ، وطابت لذّتنا قال : والله ما تمام هذه المسرّة إلّا حضور أبي جعفر بن سعيد وهو الآن بوادي آش ، فوافقناه على ذلك لما نعلم من طيب حالتنا معهما ، وأنهما لا يأتيان إلّا بما يأتي به اجتماع النسيم والروض ، فخلا في موضع وكتب له : [الكامل]
يا خير من يدعى لكاس دائر |
|
ووجوه أقمار وروض ناضر |
إنّا حضرنا في النديّ عصابة |
|
معشوقة من ناظم أو ناثر |
__________________
(١) تأثل المجد : تأصل وثبت.
(٢) في ب : «ترقب منا ..».
(٣) الطلا : ما يطبخ من عصير العنب ، أي الخمرة.
(٤) العين الشهلاء : التي يخالط سوادها زرقة.