فاعمر له ربع ادّكا |
|
رك في العشيّة والغداه |
واكحل به طرف اعتبا |
|
رك طول أيام الحياه |
قبل ارتكاض النفس ما |
|
بين الترائب واللهاه |
فيقال هذا جعفر |
|
رهن بما كسبت يداه |
عصفت به ريح المنو |
|
ن فصيّرته كما تراه |
فضعوه في أكفانه |
|
ودعوه يجني ما جناه |
وتمتّعوا بمتاعه الم |
|
حزون واحووا ما حواه |
يا منظرا مستبشعا |
|
بلغ الكتاب به مداه |
لقّيت فيه بشارة |
|
تشفي فؤادي من جواه |
ولقيت بعدك خير من |
|
نبّاه ربي واجتباه (١) |
في دار خفض ما اشتهت |
|
نفس المقيم بها أتاه |
وقال في المطمح : إنه كهل الطريقة ، وفتى الحقيقة ، تدرّع الصيانة ، وبرع في الورع والديانة ، وتماسك عن الدنيا عفافا ، وما تماسك التماسا بأهلها والتفافا ، فاعتقل النّهى (٢) ، وتنقّل في مراتبها حتى استقرّ فيها في السّها (٣) ، وعطّل أيام الشباب ، ومطل فيها سعاد وزينب والرّباب ، إلّا ساعات وقفها على المدام ، وعطفها إلى النّدام ، حتى تخلّى عن ذلك واتّرك ، وأدرك من المعلومات ما أدرك ، وتعرّى من الشبهات ، وسرى إلى الرشد مستيقظا من تلك السّنات (٤) ، وله تصرّف في شتى الفنون ، وتقدّم في معرفة المفروض والمسنون ، وأمّا الأدب فلم يجاره في ميدانه أحد ، ولا استولى على إحسانه فيه حصر ولا حدّ ، وجدّه أبو الحجاج الأعلم هو خلّد منه ما خلّد ، ومنه تقلّد ما تقلّد ، وقد أثبتّ لأبي الفضل هذا ما يسقيك ماء الفضل زلالا ، ويريك سحر البيان حلالا ، فمن ذلك ما كتب به إليّ ، وقد مرت على شنت مرية بعد ما رحل عنها وانتقل ، واعتقل من نوانا (٥) وبيننا ما اعتقل ، وشنت مرية هذه داره ، وبها
__________________
(١) اجتباه : اختاره.
(٢) اعتقل النهى : أي لبس التعقل.
(٣) السها : كوكب خفي من بنات نعش الكرى.
(٤) السنات ـ بكسر السين ـ جمع سنة وهي النوم أو أوله خاصة.
(٥) في ه : «واعتقل من ثوانا».