و (ثانيا) انه لو فرض تضمنها لحكم الذرق لأمكن الجمع بحمل الحسنة المذكورة على غير الطير وإبقاء عموم «كل شيء يطير» على حاله ، وترجيح أحد الجمعين على الآخر يحتاج الى دليل ، بل الأظهر هو جعل التأويل في جانب الحسنة المذكورة لو فرض دلالتها وإبقاء عموم تلك الكلية على حاله من حيث ترجيحه بمطابقة الأصل والتأييد بالعمومات الدالة على الطهارة مثل قولهم (عليهمالسلام) (١) : «كل شيء طاهر حتى تعلم انه قذر». ومن جهة أظهرية «كل شيء يطير». في العموم للطير الغير المأكول اللحم من قوله : «ما لا يؤكل لحمه». وذلك مناط التخصيص.
و (ثالثا) تأيد رواية أبي بصير بالرواية التي نقلناها من جامع البزنطي بنقل شيخنا المشار اليه فترجح بذلك على ما عارضها ويصير التأويل في الجانب المرجوح.
وبذلك يظهر لك قوة القول بالطهارة في ذرق الطير مطلقا إلا انه يبقى التردد في بوله ان فرض له بول ، والأظهر أيضا ترجيح الطهارة لما ذكرناه في الجمع بين روايتي أبي بصير والبزنطي وبين حسنة ابن سنان من جعل التأويل في جانب الحسنة المذكورة بالحمل على غير الطير للوجوه التي ذكرناها. وبالقول بالطهارة هنا صرح في المدارك واختاره في المعالم إلا انه قيده بشرط ان لا يكون الإجماع المدعى مأخوذا على جهة العموم وإلا كان هو الحجة والمخرج عن الأصل. وفيه نظر إذ لم يقم على حجية مثل هذه الإجماعات ـ سيما في مقابلة الروايات وظهور الخلاف في المسألة من جملة من أجلاء الأصحاب ـ دليل يعتد به.
إذا عرفت ذلك فاعلم ان السيد في المدارك استدل للقول بالطهارة هنا بما رواه الشيخ في الصحيح عن علي بن جعفر عن أخيه موسى (عليهالسلام) (٢) «انه سأله
__________________
(١) قد تقدم في ج ١ ص ٤٢ التعليقة رقم (١) وص ١٤٩ التعليقة رقم (٤) ما يرجع الى المقام.
(٢) رواه في الوسائل في الباب ٢٧ من قواطع الصلاة.