والغليان في ماء حب العنب إذا وقع في الشمس غير معلوم يقينا وأصالة الحل لا يخرج عنها إلا بيقين ، ويلزم على ما ذكره انه لو وضع العنب في الشمس يوما أو يومين أو ثلاثة مثلا بحيث انه لم يبلغ الى حد الزبيب فإنه يحرم لحصول الغليان ولم يذهب ثلثاه بعد ولا أظنه يلتزمه فإن أصالة الحلية لا يخرج عنها بمجرد ذلك. واما دعواه ان الحكم في العنب انما تعلق بمائه وان لم يخرج من الحب فإنه خروج عن ظواهر الأخبار وبناء على مجرد الاعتبار. واما قوله : «ومن ثم لو طبخ حب العنب. إلخ» ففيه ان ارتكاب المجاز في إطلاق العصير على ما يخرج بالطبخ لا يستلزم انسحابه الى ما في العنب قبل ان يخرج بالكلية ، فإن أراد ثبوت التحريم لحب العنب وان لم يخرج ماؤه بالطبخ منعنا هذه الدعوى. وبالجملة فإن بناء الأحكام الشرعية على مثل هذه الاعتبارات التخمينية لا يخلو من مجازفة.
وبمثل ما صرح به شيخنا الشهيد الثاني صرح الشهيد في الدروس فقال ولا يحرم المعتصر من الزبيب ما لم يحصل فيه نشيش فيحل طبخ الزبيب على الأصح لذهاب ثلثيه بالشمس غالبا وخروجه عن مسمى العنب. وحرمه بعض مشايخنا المعاصرين وهو مذهب بعض فضلائنا المتقدمين لمفهوم رواية علي بن جعفر عن أخيه موسى (عليهالسلام) ثم ساق متن الرواية كما سيأتي. وأنت خبير بان ما ذكراه (قدسسرهما) من تعليل حلية ماء الزبيب بذهاب ثلثيه بالشمس لا يوافق القائلين بالحلية ولا القائلين بالحرمة ، فإن من قال بحل ماء الزبيب بعد الغلي وقبل ذهاب ثلثيه كما هو المشهور قال به مطلقا سواء ذهب ثلثاه بالشمس أم لم يذهب لأنه انما يتمسك بأصالة الحلية ويدعى ان ما ورد من التحريم بمجرد الغليان والحل بذهاب الثلثين مخصوص بالعنب والزبيب لا يصدق عليه العنب ، ومن قال بالتحريم انما استند الى مفهوم رواية علي بن جعفر الآتية وهي التي ذكرها في الدروس فهو قائل ايضا بتحريمه مطلقا سواء علم ذهاب ثلثيه في حبه بالشمس أم لا. فكلامهما (قدسسرهما) لا يوافق شيئا من المذهبين في البين.