فإنه قال في مختصره : ولو تجنب من أكل ما صنعه أهل الكتاب من ذبائحهم وفي آنيتهم وكل ما صنع في أواني مستحلي الميتة ومؤاكلتهم ما لم يتيقن طهارة أوانيهم وأيديهم كان أحوط. ثم قال : وعندي في نسبة الخلاف الى الشيخ باعتبار عبارته المحكية نظر ، قال لانه قال قبلها بأسطر : ولا يجوز مؤاكلة الكفار على اختلاف مللهم ولا استعمال أوانيهم إلا بعد غسلها بالماء ، ثم قال وكل طعام تولاه بعض الكفار بأيديهم وباشروه بنفوسهم لم يجز أكله لأنهم أنجاس ينجس الطعام بمباشرتهم إياه. وهذا الكلام صريح في الحكم بنجاستهم فلا بد من حمل الكلام الآخر على خلاف ظاهره ، إذ من المستبعد جدا الرجوع عن الحكم في هذه المسافة القصيرة وإبقاؤه مثبتا في الكتاب ، ولعل مراده المؤاكلة التي لا تتعدى معها النجاسة كأن يكون الطعام جامدا أو في أواني متعددة ويكون وجه الأمر بغسل يديه ارادة تنظيفهما من آثار القذارات التي لا ينفك عنها الكافر في الغالب فمواكلته على هذه الحالة بدون غسل يديه مظنة حصول النفرة. وقد تعرض المحقق في نكت النهاية للكلام على هذه العبارة فذكر على جهة السؤال : انه ما الفائدة في الغسل واليد لا تطهر به؟ وأجاب بأن الكفار لا يتورعون عن كثير من النجاسات فإذا غسل يده فقد زالت تلك النجاسة ، ثم قال ويحمل هذا على حال الضرورة أو على مؤاكلة اليابس وغسل اليد لزوال الاستقذار النفساني الذي يعرض من ملاقاة النجاسات العينية وان لم يفد طهارة اليد ، ثم قال وروى العيص بن القاسم (١) قال : «سألت أبا عبد الله (عليهالسلام) عن مؤاكلة اليهودي والنصراني؟ فقال لا بأس إذا كان من طعامك. وسألته عن مؤاكلة المجوسي؟ فقال إذا توضأ فلا بأس». قال المحقق : والمعنى بتوضئه هنا غسل اليد. انتهى كلامه. وهو ـ كما ترى ـ صريح في ان كلام الشيخ محمول على خلاف ظاهره وانه ليس بمخالف لما حكم به أولا ، وان الحامل له على ذكر هذه المسألة ورود مضمونها في الرواية ، وحينئذ فلا ينبغي ان يذكر الشيخ في عداد
__________________
(١) رواه في الوسائل في الباب ٥٣ من الأطعمة المحرمة.