ما قدمناه من الآية والروايات.
واما الاستدلال بالآية فإن الظاهر من الأخبار المؤيدة بكلام جملة من أفاضل أهل اللغة هو تخصيص ذلك بالحنطة وغيرها من الحبوب اما حقيقة أو تغليبا بحيث غلب استعماله فيها. فأما الأخبار. فمنها ـ صحيحة هشام بن سالم عن الصادق (عليهالسلام) (١) «في قول الله عزوجل (وَطَعامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ حِلٌّ لَكُمْ)؟ قال العدس والحمص وغير ذلك». أقول : قوله وغير ذلك يعني من الحبوب كما يدل عليه الخبر الآتي ، ومنها صحيحة قتيبة (٢) قال : «سأل رجل أبا عبد الله (عليهالسلام) فقال له الرجل : (وَطَعامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ حِلٌّ لَكُمْ وَطَعامُكُمْ حِلٌّ لَهُمْ؟) فقال كان ابي يقول انما هي الحبوب وأشباهها». وموثقة سماعة (٣) وفيها «العدس وغير ذلك» ،. وموثقة أخرى له ايضا (٤) قال : «سألته عن طعام أهل الذمة ما يحل منه؟ قال الحبوب». وفي رواية أبي الجارود عن الباقر (عليهالسلام) (٥) «الحبوب والبقول». وبذلك يعلم ان ما ذكره بعض أفاضل متأخري المتأخرين من الإشكال في حمل الطعام في الآية على الحبوب كما نقله في المعالم لا يلتفت اليه بعد ورود الأخبار بتفسير الآية بذلك كما سمعت ، مع اعتضادها بكلام جملة من أفاضل أهل اللغة ، فمن ذلك ما نقل عن صاحب مجمل اللغة انه قال بعض أهل اللغة ان الطعام البر خاصة ، وذكر حديث ابي سعيد (٦) «كنا نخرج صدقة الفطرة على عهد رسول الله (صلىاللهعليهوآله) صاعا من طعام أو صاعا من كذا.». وقال صاحب الصحاح ربما خص اسم الطعام بالبر. وقال في المغرب : الطعام اسم لما يؤكل وقد غلب على البر ومنه حديث ابى سعيد. ونقل ابن الأثير في النهاية عن الخليل ان الغالب في كلام العرب ان الطعام هو البر خاصة. وقال الفيومي في المصباح المنير : وإذا أطلق أهل الحجاز لفظ الطعام عنوا به البر خاصة ، وفي العرف الطعام اسم لما يؤكل مثل الشراب اسم لما يشرب.
__________________
(١ و ٢ و ٣ و ٤ و ٥) المروية في الوسائل في الباب ٥١ من الأطعمة المحرمة.
(٦) تيسير الوصول ج ٢ ص ١٣٠ «واللفظ كنا نخرج زكاة الفطرة.».